الحائط، فدخلوا معهم فنظر الناس بعضهم إلى بعض، فثاروا، وبلغ الحسن بن الحسين بن مصعب، فجعل يصيح بالقوم ويمنعهم، ويقول: يا قوم؛ إني أخاف عليكم أن تكونوا مثل قوم داونْدَان، ومضى أصحاب قيس بن زنجويه - وهو من أصحاب الحسن بن الحسين - حتى نصبوا العلم على السور في معسكر سرخاستان، وانتهى الخبر إلى سرخاستان أن العرب قد كسروا السور، ودخلوا بغتةً، فلم تكن له همة إلا الهرب، وكان سرخاستان في الحمَّام، فسمع الصياح، فخرج هاربًا في غلالة، وقال الحسن بن الحسين حين لم يقدر على رد أصحابه: اللهمّ إنهم قد عصوْني وأطاعوك، اللهم فاحفظهم وانصرهم، ولم يزل أصحاب الحسن يتبعون القوم حتى صاروا إلى الدّرْب الذي على السور فكسروه، ودخل الناس من غير مانع حتى استولوا على جميع ما في العسكر، ومضى قوم في الطلب.
وذُكر عن زرارة بن يوسف السجزي أنه قال: مررتُ في الطلب؛ فبينا أنا كذلك؛ إذ صرت إلى موضع عن يَسرة الطريق، فوجلت من الممر فيه، ثم تقحمتُه بالرمح من غير أن أرى أحدًا، وصحتُ: من أنت؟ ويلك! فإذا شيخ جسيم قد صاح "زينهار" - يعني الأمان - قال: فحملت عليه، فأخذته، وشددت كتافه، فإذا هو شهريار أخو أبي صالح سرخاستان، صاحب العسكر، قال: فدفعته إلى قائدي يعقوب بن منصور، وحال الليل بيننا وبين الطلب، فرجع الناس إلى المعسكر، وأتى بشهريار إلى الحسن بن الحسين فضرب عنقه، وأما أبو صالح فمضى حتى صار على خمسة فراسخ من معسكره، وكان عليلا؛ فجهده العطش والفزع، فنزل في غَيْضة يمنة الطريق إلى سفح جبل، وشدّ دابته واستلقى، فبصر به غلام له ورجل من أصحابه يقال له جعفر بن وَنْدَاميد؛ فنظر إليه نائمًا، فقال سرخاستان: يا جعفر: شربة ماء، فقد أجهدني العطش، قال: فقلت: ليس معي إناء أغرف به من هذا الموضع فقال سرخاستان: خذ رأس جعبتي فاسقني به، قال جعفر: وملتُ إلى عداد من أصحابي، فقلت لهم: هذا الشيطان قد أهلكنا فلم لا نتقرب به إلى السلطان، ونأخذ لأنفسنا الأمان! فقالوا لجعفر: كيف لنا به؟ قال: فوقفهم عليه، وقال لهم: أعينوني ساعة، وأنا أثاوره، فأخذ جعفر خشبة عظيمة وسرخاستان مستلقٍ، فألقى نفسه عليه،