غير علم الناس، فعلموا بعد ما مضى، فدعا الحسن بيعقوب بن منصور، فقال له: يا أبا طلحة، أحبّ أن تصير إلى الطالقانيّة، فتلطّف بحيَلك لجيش أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مصعب هنالك ساعتين أو ثلاث ساعات أو أكثر؛ ما أمكنك، وكان بينه وبين الطالقانية فَرْسخان أو ثلاثة فراسخ، قال إبراهيم: فبينا نحن وقوف بين يدي الحسن، إذ دعا بقيس بن زَنجويه، فقال له: امض إلى درب لبورة، وهو على أقلَّ من فرسخ، فابرز بأصحابك على الدَّرب.
قال: فلما صلّينا المغرب وأقبل الليل، إذا أنا بفرسان بين أيديهم الشّمع مشتعلًا مقبلين من طريق لبُورة، فقال لي: يا إبراهيم، أين طريق لبورة؟ فقلت: أرى نيرانًا وفرسانًا قد أقبلوا من ذلك الطريق، قال: وأنا داهش لا أقف على ما نحن فيه، حتى قربت النيران منا؛ فأنظر فإذا المازيار مع القوهيار، فلم أشعر حتى نزلا وتقدم المازيار، فسلم على الحسن بالإمرة، فلم يردّ عليه، وقال لطاهر بن إبراهيم وأوس البلخي: خذاه إليكما.
وذكر عن أخي وميدوار بن خواست جيلان، أنه في تلك الليلة صار مع نفر إلى قوهيار، وقال له: اتق الله، قد خلفت سرواتنا، فأذن لي أكنفُ هؤلاء العرب كلَّهم، فإن الجند حيارى جياع، وليس لهم طريق يهربون، فتذهب بشرفها ما بقى الدهر، ولا تثق بما يعطيك العرب، فليس لهم وفاء! فقال قوهيار: لا تفعلوا، وإذا قوهيار قد عبَّى علينا العرب، ودفع مازيار وأهل بيته إلى الحسن لينفرد بالملك؛ ولا يكون أحد ينازعه ويضادّه.
فلما كان في السحر، وجّه الحسن بالمازيار مع طاهر بن إبراهيم وأوْس البلخيّ إلى خرماباذ، وأمرهما أن يمرّا به إلى مدينة سارية، وركب الحسن، وأخذ على وادي بابك إلى الكانية مستقبلا محمد بن إبراهيم بن مُصعب، فالتقيا ومحمد يريد المصير إلى هرمزداباذ لأخذ المازيار، فقال له الحسن: يا أبا عبد الله، أين تريد؟ قال: أريدُ المازيار، فقال: هو بسارية، وقد صار إليَّ، ووجّهت به إلى هنالك، فبقى محمد بن إبراهيم متحيرًا. وكان القوهيار قد همّ بالغدر بالحسن، ودفع المازيار إلى محمد بن إبراهيم، فسبق الحسن إلى ذلك، وتخوف القوهيار منه أن يحاربه حين رآه متوسِّطًا الجبل، إن أحمد بن الصُّقير كتب إلى القوهيار: لا أرى لك التخليط والمناصبة لعبد الله بن طاهر، وقد كُتب