المازيار بعث إلى ابن عمه ذلك، وقيل هو أخوه القوهِيار، فألزمه بابه، وولَّى الجبل واليًا من قِبَله، يقال له درّي؛ فلما احتاج المازيار إلى الرجال لمحاربة عبد الله بن طاهر؛ دعا بابن عمه أو أخيه القوهِيار، فقال له: أنت أعرف بجبلك من غيرك، وأظهره على أمر الأفشين ومكاتبته له، وقال له: صرْ في ناحية الجبل، فاحفظ عليّ الجبل.
وكتب المازيار إلى الدرّيّ يأمره بالقدوم عليه، فقدم عليه، فضم إليه العساكر، ووجّهه في وجه عبد الله بن طاهر، وظنّ أنه قد توثق من الجبل بابن عمه أو أخيه القُوهيار، وذلك أن الجبل لم يُظنّ أنه يُؤتى منه. لأنه ليس فيه للعساكر والمحاربة طريق لكثرة المضايق والشَّجر الذي فيه، وتوثّق من المواضع التي يتخوّف منها بالدري وأصحابه، وضمّ إليه المقاتلة وأهل عسكره، فوجّه عبدالله بن طاهر عمَّه الحسن بن الحسين بن مصعب، في جيش كثيف من خراسان إلى المازيار، ووجه المعتصم محمد بن إبراهيم بن مصعب، ووجّه معه صاحب خبر يقال له يعقوب إبراهيم البوشنجي مولى الهادي، ويعرف بقوْصرة؛ يكتب بخبر العسكر؛ فوافى محمد بن إبراهيم الحسن بن الحسبن، وزحفت العساكر نحو المازيار حتى قَرُبوا منه، والمازيار لا يشكّ أنه قد توثّق من الموضع الذي تلقّاه الجبل فيه.
وكان المازيار في مدينته في نفر يسير، فدعا ابنّ عمّ المازيار الحقد الذي كان في قلبه على المازيار وصنيعه به وتنحيته إياه عن جبله، أنْ كاتَبَ الحسن بن الحسين، وأعلمه جميع ما في عساكره، وأنّ الأفشين كاتب المازيار.
فأنفذ الحسن كتاب ابن عمّ المازيار إلى عبد الله بن طاهر، فوجّه به عبد الله برجل إلى المعتصم، وكاتب عبد الله الحسن بن الحسين ابن عم المازيار - وقيل القوهيار - وضمنا له جميع ما يريد؛ وكان ابن عم المازيار أعلم عبد الله بن طاهر أن الجبل الذي هو عليه كان له ولأبيه ولآبائه من قِبَل المازيار، وأن المازيار عند تولية الفضل بن سهل إياه طبرستان انتزع الجبل من يديه، وألزمه بابه، واستخفّ به، فشرط له عبد الله بن طاهر إن هُوَ وثب بالمازيار، واحتال له أن يصير الجبل على حسب ما لم يزل. ولا يُعرَض له فيه، ولا يحارب.
فرضِيَ بذلك ابن عم المازيار، فكتب له عبد الله بن طاهر بذلك كتابًا،