وتوثق له فيه، فوعد ابن عمّ المازيار الحسن بن الحسين ورجالهم أن يدخلهم الجبل، فلما كان وقت الميعاد، أمر عبد الله بن طاهر الحسن بن الحسين أن يزحف للقاء الدريّ، ووجّه عسكرًا ضخمًا عليه قائد من قواده في جوف الليل، فوافوا ابن عمّ المازيار في الجبل، فسلّم الجبال إليهم، وأدخلهم إليها، وصافَّ الدريّ العسكر الذي بإزائه، فلم يشعر المازيار وهو في قصره حتى وقفت الرّجّالة والخيل على باب قصره، والدري يحارب العسكر الآخر؛ فحصروا المازيار، وأنزلوه على حكم أمير المؤمنين المعتصم.
وذكر عمرو بن سعيد الطبريّ أن المازيار كان يتصيّد، فوافته الخيل في الصيد؛ فأخذ أسيرًا ودُخل قصره عَنْوة، وأخذ جميع ما فيه، وتوجّه الحسن بن الحسين بالمازيار، والدريّ يقاتل العسكر الذي بإزائه، لم يعلم بأخذ المازيار، فلم يشعر إلا وعسكر عبد الله بن طاهر مِنْ ورائه، فتقطعت عساكره، فانهزم ومضى يريد الدخول إلى بلاد الديلم، فقتل أصحابه، واتيعوه فلحقوه في نفر من أصحابه، فرجع يقاتلهم، فقتِل وأخِذ رأسه، فبعث به إلى عبد الله بن طاهر، وقد صار المازيار في يده، فوعده عبدُ الله بن طاهر إن هو أظهره على كتب الأفشين أن يسأل أمير المؤمنين الصَّفْح عنه، وأعلمه عبد ألله أنه قد علم أن الكتب عنده، فأقرّ المازيار بذلك، فطُلبت الكتب فوُجدت، وهي عدّة كتب، فأخذها عبد الله بن طاهر، فوجّه بها مع المازيار إلى إسحاق بن إبراهيم، وأمره ألّا يخرج الكتب من يده ولا المازيار إلّا إلى يد أمير المؤمنين، لئلا يُحتال للكتب والمازيار، ففعل إسحاق ذلك، فأوصلها من يده إلى يد المعتصم؛ فسأل المعتصم المازيار عن الكتب، فلم يقرّ بها، فأمر بضرب المازيار حتى مات، وصلب إلى جانب بابك (١).
وكان المأمون يكتب إلى المازيار: من عبد الله المأمون إلى جيل جيلان أصبهبذ أصبهبذان بشْوار جِرْشاه محمد بن قارن مولى أمير المؤمنين.
وقد ذكر أن بدء وهْي أمر الدريّ، كان أنه لما بلغه بعدما ضمّ إليه المازيار
(١) هذه نهاية الخبر الطويل عن معارك مازيار من مخرجه إلى مقتله (٨٠ - ١٠٠) وانظر تعليقنا السابق.