الجيش نزول جيش محمد بن إبراهيم دُنْباوند، وجّه أخاه بزرجشْنسٍ، وضمّ إليه محمدًا وجعفرًا ابني رستم الكلاريّ ورجالًا من أهل الثغر وأهل الرُّويان، وأمرهم أن يصيروا إلى حدّ الرّويان والرّيّ لمنع الجيش، وكان الحسن بن قارن قد كاتب محمدًا وجعفرًا ابني رستم، ورغّبهما؛ وكانا من رؤساء أصحاب الدّريّ، فلما التقى جيش الدري وجيش محمد بن إبراهيم، انقلب ابنا رستم وأهل الثغرين وأهل الرُّويان على بزرجشنس أخي الدرّيّ، فأخذوه أسيرًا، وصاروا مع محمد بن إبراهيم على مقدّمته، وكان الدريّ بموضع يقال له مُزْن في قَصْره مع أهله وجميع عسكره، فلما بلغه غدر محمد وجعفر ابني رستم ومتابعة أهل الثغرين والرويان لهما وأسر أخيه بزرجشنس، اغتمّ لذلك غمًّا شديدًا، وأذعن أصحابه، وهمَّتهُم أنفسُهم، وتفرّق عامّتهُم يطلبون الأمان، ويحتالون لأنفسهم، فبعث الدري إلى الديالمة فصار ببابه مقدار أربعة آلاف رجل منهم، فرغبهم ومناهم، ووصلهم، ثم ركب وحمل الأموال معه، ومضى كأنه يريد أن يستنقذ أخاه ويحارب محمد بن إبراهيم، وإنما أراد الدخول إلى الديلم، والاستظهار بهم على محمد بن إبراهيم.
فاستقبله محمد بن إبراهيم في جيشه؛ فكانت بينهم وقعة صعبة؛ فلما مضى الدرب هرب الموكلون بالسجن، وكسر أهل السجن أقيادهم، وخرجوا هاربين، ولحق كل إنسان ببلده، واتفق خروج أهل سارية الذين كانوا في حبس المازيار وخروج هؤلاء الذين كانوا في حبس الدريّ في يوم واحد، وذلك في شعبان لثلاث عشرة ليلة خلت منه سنة خمس وعشرين ومائتين في قول محمد بن حفص، وقال غيره: كان ذلك في سنة أربع وعشرين ومائتين.
وذكر عن داود بن قحذم أن محمد بن رستُم، قال: لما التقى الدري ومحمد بن إبراهيم بساحل البحر، بين الجبل والغَيْضة والبحر، والغَيْضة متصلة بالديلم، وكان الدري شجاعًا بطلًا، فكان يحمل بنفسه على أصحاب محمد حتى يكشفهم، ثم يحمل معارضةً من غير هزيمة، يريد دخول الغَيْضة، شدّ عليه رجل من أصحاب محمد بن إبراهيم يقال له فند بن حاجبة، فأخذه أسيرًا واسترجع، واتبع الجند أصحابه وأخذ جميع ما كان معه من الأثاث والمال والدوابّ والسلاح، فأمر محمد بن إبراهيم بقتل بزرجشنس أخي الدّرّيّ، ودُعي