ابنَه، فأخرجوه فطرحوه بين يديه، فنتف لحيتَه وشعرَه، ثم أمر به فحمل إلى منزل إيتاخ.
قال: وكان أحمد بن أبي دواد دعا به في دار العامة من الحبس، فقال له: قد بلغ أمير المؤمنين أنك يا خيذر، أقلف، قال: نعم، وإنما أراد ابن أبي دواد أن يشهد عليه؛ فإن تكشف نُسب إلى الخَرع؛ وإن لم يتكشف صحّ عليه أنه أقلف، فقال: نعم أنا أقلف؛ وحضر الدار ذلك اليوم جميع القوّاد والناس؛ وكان ابن أبي دواد أخرجه إلى دار العامّة قبل مصير الواثق إليه بالفاكهة، وقبل مصير حمدون بن إسماعيل إليه.
قال حمدون: فقلت له: أنت أقلف كما زعمت؟ فقال الأفشين: أخرجني إلى مثل ذلك الموضع، وجميع القواد والناس قد اجتمعوا، فقال لي ما قال؛ وإنما أراد أن يفضحني؛ إن قلت له: نعم لم يقبل قولي، وقال لي: تكشَّف، فيفضحني بين الناس؛ فالموت كان أحبّ إليّ من أن أتكشّف بين أيدي الناس؛ ولكن يا حمدون إن أحببتَ أن أتكشَّف بين يديك حتى تراني فعلتُ؛ قال حمدون: فقلت له: أنت عندي صدُوق، وما أريد أن تكشَف.
فلما انصرف حمدون فأبلغ المعتصم رسالتَه. أمر بمنع الطعام منه إلّا القليل؛ فكان يدفع إليه في كلّ يوم رغيف حتى مات؛ فلما ذُهِب به بعد موته إلى دار إيتاخ، أخرجوه فصلبُوه على باب العامّة ليراه الناس، ثم طُرِح بباب العامة مع خشبته؛ فأحرِق وحُمِل الرّماد، وطرح في دِجْلة.
وكان المعتصم حين أمر بحبسه وجّه سليمان بن وهب الكاتب يحصي جميع ما في دار الأفشين ويكتُبه في ليلة من الليالي، وقصر الأفشين بالمطيرة، فوُجِد في داره بيت فيه تمثال إنسان من خشب، عليه حلية كثيرة وجوهر، وفي أذنيه حجران أبيضان مشتبكان؛ عليهما ذهب، فأخذ بعض مَنْ كان مع سليمان أحد الحجرين؛ وظنّ أنه جوهر له قيمة؛ وكان ذلك ليلًا؛ فلما أصبح ونزع عنه شباك الذَّهب، وجده حجرًا شبيهًا بالصَّدَف الذي يسمى الحبرون، من جنس الصَّدَف الذي يقال له البْوق، من صدف أخرج من منزله صُوَر السماجة وغيرها وأصنام وغير ذلك، والأطواف والخشب التي كان أعدّها؛ وكان له متاع بالوزيريّة، فوُجد فيه أيضًا صنم آخر، ووجدوا في كتبه كتابًا من كتب المجوس يقال له زراوه