والذّهب، وكانت تسمّى قبة المنطقة؛ وكان ذلك الرواق يسمّى رواق قبّة المنطقة.
قال: فتحدَّثنا عامة الليل، فقال الواثق: مَنْ منكم يعلم السبب الذي به وثب جدي الرشيد على البرامكة فأزال نعمتهم؟ قال عزّون: فقلت: أنا والله أحدّثك يا أميرَ المؤمنين، كان سبب ذلك أن الرشيد ذُكرت له جارية لعوْن الخياط، فأرسل إليها فاعترضها، فرضيَ جمالها وعقلَها وحسن أدبها، فقال لعون: ما تقول في ثمنها؟ قال: يا أميرَ المؤمنين، أمر ثمنها واضح مشهور؛ حلفتُ بعتقها وعتق رقيقي جميعًا وصدقة مالي الأيمان المغلظة التي لا مخرج منها لي، واشهدت عليّ بذلك العدول ألّا أنقص ثمنها عن مائة ألف دينار، ولا أحتال في ذلك بشيء من الحِيل، هذه قضيتها. فقال أمير المؤمنين: قد أخذتها منك بمائة ألف دينار، ثم أرسل إلى يحيى بن خالد يخبره بخبر الجارية، ويأمره أن يرسل إليه بمائة ألف دينار، فقال يحيى: هذا مفتاح سوء، إذا اجترأ في ثمن جارية واحدة على طلب مائة ألف دينار فهو أحْرَى أن يطلب المال على قدر ذلك؛ فأرسل يخبره أنه لا يقدر على ذلك، فغضب عليه الرّشيد، وقال: ليس في بيت مالي مائة ألف دينار، فأعاد عليه: لا بدّ منها. فقال يحيى: اجعلوها دراهم، ليراها فيستكثرها، فلعله يردّها، فأرسل بها دراهم، وقال: هذه قيمة مائة ألف دينار، وأمر أن تُوضع في رواقة الذي يمرّ فيه إذا أراد المتوضّأ لصلاة الظهر. قال: فخرج الرّشيد في ذلك الوقت؛ فإذا جبل من بِدَر، فقال: ما هذا؟ قالوا: ثمن الجارية، لم تحضر دنانير، فأرسل قيمتها دراهم، فاستكثر الرشيد ذلك، ودعا خادمًا له، فقال: اضمم هذه إليك، واجعل لي بيت مال لأضمّ إليه ما أريده وسمّاه بيت مال العروس، وأمر بردّ الجارية إلى عون، وأخذ في التفتيش عن المال، فوجد البرامكة قد استهلكوه، فأقبل يهمّ بهم ويمسك؛ فكان يرسل إلى الصحابة وإلى قوم من أهل الأدب من غيرهم فيسامرهم، ويتعشّى معهم؛ فكان فيمن يحضر إنسان كان معروفًا بالأدب، وكان يعرف بكنيته يقال له أبو العُود؛ فحضر ليلةً فيمن حضره، فأعجبه حديثه؛ فأمر خادمًا له أن يأتيَ يحيى بن خالد إذا أصبْحَ، فيأمره أن يعطيَه ثلاثين ألف درهم. ففعل، فقال يحيى لأبي العود: أفعلُ؛ وليس بحضرتنا اليوم مال، غدًا يجيء المال، ونعطيك إن