أو سلاحًا لفتنة فأنتم في حِلّ منه ومن دِمي؛ ففتش فلم يُوجد فيه شيء، فحمِل إلى محمد بن إبراهيم بن مصعب وأخذوا خصيّين وابنين له ورجلًا ممن كان يغشاه يقال له إسماعيل بن محمد بن معاوية بن بكر الباهليّ، ومنزله بالجانب الشرقيّ، فحمل هؤلاء الستة إلى أمير المؤمنين الواثق وهو بسامراء على بغال بأكُفٍ ليس تحتهم وطاء، فَقيِّد أحمد بن نصر بزوج قيود، وأخرجوا من بغداد يوم الخميس لليلة بقيت من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وكان الواثق قد أعلم بمكانهم، وأحضر ابن أبي دواد وأصحابه، وجلس لهم مجلسًا عامًّا ليُمتحنوا امتحانًا مكشوفًا، فحضر القوم واجتمعوا عنده.
وكان أحمد بن أبي دواد - فيما ذكر - كارهًا قتله في الظاهر؛ فلما أتِيَ بأحمد بن نصر لم يناظره الواثق في الشَّغَب ولا فيما رُفع عليه من إرادته الخروج عليه؛ ولكنه قال له: يا أحمد، ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله - وأحمد بن نصر مستقتل قد تنوّر وتطيّب، قال: أفمخلوق هو؟ قال: هو كلام الله، قال: فما تقول في ربّك، أتراه يوم القيامة؟ قال: يا أمير المؤمنين جاءت الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"تروْن ربكم يوم القيامة كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته"؛ فنحن على الخبر. قال: وحدثني سفيان بن عيينة بحديث يرفعه: "أن قلب ابن آدم بين إصبعيْن من أصابع الله يقلبِّه"؛ وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو:"يا مقلِّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك"؛ فقال له إسحاق بن إبراهيم: ويلك! انظر ماذا تقول! قال: أنت أمرتني بذلك؛ فأشفق إسحاق من كلامه، وقال: أنا أمرتُك بذلك! قال: نعم، أمرَتني أن أنصح له إذ كان أمير المؤمنين، ومِنْ نصيحتي له ألا يخالِف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال الواثق لمن حوله: ما تقولون فيه؟ فأكثروا، فقال عبد الرحمن بن إسحاق - وكان قاضيًا على الجانب الغربيّ فعزِل؛ وكان حاضرًا وكان أحمد بن نصر ودًّا له -: يا أمير المؤمنين؛ هو حلال الدّم، وقال أبو عبد الله الأرمنيّ صاحب ابن أبي دواد: اسقني دمه يا أمير المؤمنين، فقال الواثق: القتل يأتي على ما تريد، وقال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين كافر يُستتاب؛ لعلّ به عاهة أو تَغيُّر عقل - كأنه كره أن يقتَل بسببه - فقال الواثق: إذا رأيتموني قد قصتُ إليه، فلا يقومنّ أحد معي، فإني أحتسب خُطاي إليه، ودعا بالصَّمصامة - سيف عمرو بن معد يكرب الزّبيديّ وكان في الخزانة، كان أهدى