للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عمر يجلس في مسجد؟ وكان أبو الوزير أحمد بن خالد حاضرًا، فقام لينصرف، فقام معه جعفر، فقال: يا أبا الوزير، أرأيتَ ما صنع بي عمر بن فرج؟ قال: جعلت فداك! أنا زِمَامٌ عليه؛ وليس يختم صكّي بأرزاقي إلا بالطلب والترفُّق به؛ فابعث إليّ بوكيلك؛ فبعث جعفر بوكيله؛ فدفع إليه عشرين ألفًا، وقال: أنْفِق هذا حتى يهيِّئ الله أمرك، فأخذها ثم أعاد إلى أبي الوزير رسوله بعد شهر، يسأله إعانته، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم؛ ثم صار جعفر من فوْرِه حين خرج من عند عمر إلى أحمد بن أبي دواد، فدخل عليه، فقام له أحمد، واستقبله على باب البيت، وقبَّله والتزمه، وقال: ما جاء بك، جعلتُ فداك! قال: قد جئتُ لتسترضيَ لي أمير المؤمنين، قال: أفعل ونعمةَ عين وكرامة، فكلّم أحمد بن أبي دواد الواثق فيه، فوعده ولم يرض عنه؛ فلما كان يوم الحلبة كلّم أحمد بن أبي دواد الواثق، وقال: معروف المعتصم عندي معروف، وجعفر ابنه؛ فقد كلمتك فيه، ووعدتَ الرضا؛ فبحقّ المعتصم يا أمير المؤمنين إلَّا رضيتَ عنه! فرضي عنه من ساعته وكساه، وانصرف الواثق وقد قلَّد أحمد بن أبي دواد جعفرًا بكلامه حتى رضيَ عنه أخوه شكرًا، فأحظاه ذلك عنده حين ملك.

وذكر أنّ محمد بن عبد الملك كان كتب إلى الواثق حين خرج جعفر من عنده: يا أمير المؤمنين، أتاني جعفر بن المعتصم يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه في زيّ المخنثين له شعر قفا. فكتب إليه الواثق: ابعث إليه فأحضره، ومُرْ مَنْ يجزَّ شعر قفاه، ثم مُرْ من يأخذ من شعره ويضرب به وجهه، واصرفه إلى منزله. فذكر عن المتوكّل أنه قال: لما أتاني رسوله، لبست سوادًا لي جديدًا، وأتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضا عَنِّي، فقال: يا غلام، ادع لي حجّامًا، فدُعي به، فقال: خذ شعره واجمعه، فأخذه على السَّواد الجديد. ولم يأته بمنديل، فأخذ شعره وشعر قفاه وضرب به وجهه.

قال المتوكِّل: فما دخلَني من الجزع على شيء مثل ما دخلني حين أخذني على السواد الجديد؛ وقد جئته فيه طامعًا في الرضا، فأخذ شعري عليه.

ولما تُوفِّيَ الواثق أشار محمد بن عبد الملك بابن الواثق، وتكلّم في ذلك وجعفر في حُجْرة غير الحجرة التي يتشاورون فيها، فيمن يعقدون، حتى بُعث

<<  <  ج: ص:  >  >>