ماضية، وإرادة منه في إتمام نعمته على أهله نافذة:{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} , وليجعل الله الفوز والعاقبة للمتقين، والخزيّ في الدُّنيا والآخرة على الكافرين.
وقد رأى أمير المؤمنين - وبالله توفيقه وإرشاده - أن يحمل أهل الذمّة جميعًا بحضرته وفي نواحي أعماله؛ أقربِها وأبعدها، وأخصّهم وأخسَّهم على تصيير طيالستهم التي يلبسونها؛ مَنْ لبسها من تجَّارهم وكتابهم، وكبيرهم وصغيرهم، على ألوان الثياب العسليّة، لا يتجاوز ذلك منهم متجاوز إلى غيره، ومَنْ قصر عن هذه الطبقة من أتباعهم وأرذالهم، ومَنْ يقعد به حاله عن لبس الطيالسة منهم أخذ بتركيب خِرْقتين صبغهما ذلك الصَّبغ يكون استدارة كلّ واحدة منهما شبرًا تاقًا في مثله، على موضع أمام ثوبه الذي يلبسه، تلقاء صدره، ومن وراء ظهره، وأن يؤخذ الجميع منهم في قلانسهم بتركيب أزرّة عليها تُخالف ألوانها ألوان القلانس؛ ترتفع في أماكنها التي تقع بها، لئلا تلصق فتُستَر ولا ما يركّب منها على حباك فتخفى؛ وكذلك في سروجهم باتّخاذ رُكب خشب لها، ونَصْبِ أكَرِ على قرابيسها؛ تكون ناتئة عنها، وموفية عليها، لا يرخَّص لهم في إزالتها عن قرابيسهم، وتأخيرها إلى جوانبها؛ بل يتُفقَّد ذلك منهم؛ ليقع ما وقع من الذي أمر أمير المؤمنين بحملهم عليه ظاهرًا يتبيّنهُ الناظر من غير تأمُّل، وتأخذه الأعين من غير طلب، وأن تؤخذ عبيدهم وإماؤهم، ومَنْ يلبس المناطق من تلك الطبقة بشدّ الزنانير والكساتيج مكان المناطق التي كانت في أوساطهم، وأن توعِزَ إلى عمالك فيما أمر به أمير المؤمنين في ذلك إيعازًا تحدوهم به إلى استقصاء ما تقدّم إليهم فيه، وتحذّرهم إدهانًا وميلًا، وتتقدّم إليهم في إنزال العقوبة بمَنْ خالف ذلك من جميع أهل الذّمة عن سبيل عناد وتهوين إلى غيره؛ ليقتصر الجميع منهم على طبقاتهم وأصنافهم على السبيل التي أمر أمير المؤمنين بحملهم عليها، وأخذهم بها إن شاء الله.
فاعلم ذلك من رأى أمير المؤمنين وأمره، وأنفذ إلى عمالك في نواحي عملك ما ورد عليك من كتاب أمير المؤمنين بما تعمل به إن شاء الله؛ وأمير المؤمنين يسأل الله ربَّه ووليَّه أن يُصَلِّيَ على محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وملائكته، وأن يحفظه فيما استخلفه عليه من أمر دينه، ويتولى ما ولّاه مما لا يبلغ حقه فيه إلّا بعونه؛