للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فقال عمر: ما جاء بك، لعمري والله إنك لجريئة وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوّز. قالت: فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ فدخلت فيها. قالت: فرفع الرجل السبغة عن وجهه فإذا طلحة بن عبيد الله. فقال: يا عمر ويحك إنك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التحوز أو الفرار إلَّا إلى الله عزَّ وجلَّ، قالت: ويرمي سعدًا رجل من المشركين من قريش يقال له ابن العرقة بسهم له فقال له: "خذها وأنا ابن العرقة" فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله - عزَّ وجلَّ - سعد فقال: "اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة". قالت: وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية. قالت: فرقأ كَلْمُه وبعث الله - عزَّ وجلَّ - الريح على المشركين فكفى الله - عزَّ وجلَّ - المؤمنين القتال، وكان الله قويًّا عزيزًا فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة ولحق عيينة بن حصن ومن معه بنجد.
ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وأمر بقبة من أدم فضربت على سعد في المسحد.
قالت: فجاءه جبريل - عليه السلام - وإنَّ على ثناياه لنقع الغبار فقال: "لقد وضعت السلاح! والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح، اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم".
قالت: فلبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر علي بني غنم وهم جيران المسجد، فقال: "من مر بكم؟ " فقالوا: مر بنا دحية الكلبي، وكان دحية تشبه لحيته [وسنه] ووجهه جبريل - عليه السلام - قالت: فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاصرهم خمسًا وعشرين ليلة فلما اشتد حصْرُهُم واشتد البلاء، قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأاشار إليهم أنه الذبح، فقالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انزلوا على حكم سعد بن معاذ" [فنزلوا]. وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن معاذ، فأتي به على حمار عليه إكاف من ليف قد حمل عليه وحفّ به قومه، وقالوا له: يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية، ومن قد علمت. فقال: قد أنى لي أن لا يأخذني في الله لومة لائم.
قال: قال أبو سعيد: فلما طلع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" قال عمر: سيدنا الله، قال: "أنزلوه" فأنزلوه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احكم فيهم" قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وتقسم أموالهم.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد حكمت فيهم بحكم الله - عزَّ وجلَّ - وحكم رسوله".
قال: ثم دعا سعد فقال: اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئًا فابقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك.
قالت: فانفجر كَلْمُهُ، وكان قد برأ إلَّا مثل الخرص.
قالت: ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قالت عائشة: فحضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر قالت: فوالذي نفس محمد بيده، إني =

<<  <  ج: ص:  >  >>