للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تُرى إلَّا عيناه، فقال عمر: إنك لَجَرِيئة؛ ما جاء بك؟ ما يدريك لعلَّه يكون تحوُّز أو بلاء! فوالله ما زال يلومني حتى وددتُ أن الأرض تنشقّ لِي فأدخل فيها، فكشف الرجل التَّسبغة عن وجهه، فإذا هو طلحة؛ فقال: إنك قد أكثرت، أين الفرار، وأين التحوُّز إلَّا إلى الله عزّ وجلّ!

قالت: فَرُمِيَ سعد يومئذ بسهم، رماه رجلٌ يقال له ابن العَرِقَة؛ فقال: خذها وأنا ابنُ العَرِقَة، فقال: سعْد: عرّق الله وجهك في النار؛ فأصاب الأكحَل منه فقطعه. قال محمد بن عمرو: زعموا أنَّه لم ينقطع من أحد قطّ إلَّا لم يزل يبضّ دمًا حتى يموت. فقال سعد: اللَّهمّ لا تمِتْني حتى تقرّ عيني في بني قُريظة! وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية (١). (٢: ٥٧٥/ ٥٧٦).


(١) إسناده ضعيف وأصله صحيح. فقد أخرج البخاري في صحيحه (كتاب المغازي ٤/ ١٢٢) عن عائشة رضي الله عنها قالت: أصيب سعد يوم الخندق ورماه رجل من قريش يقال له حبانُ بن العَرقة رماه في الأكحل فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - خيمة في المسجد ليعوده من قريب فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق وضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل - عليه السلام - وهو ينفض رأسه من الغبار فقال: قد وضعت السلاح والله ما وضعته اخرج إليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأين؟ فأشار إلى بني قريظة فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلوا على حكمه فردّ الحكم إلى سعد قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة وأن تسبي النساء والذرية وأن تقسم أموالهم.
قال هشام: فأخبرني أبي عن عائشة أن سعدًا قال: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحبّ إليّ أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك - صلى الله عليه وسلم - وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك وضعت الحرب بيننا وبينهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له حتى أجاهدهم فيك وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيها فانفجرت من لبَّته فلم يرعهم وفي المسجد خيمة من بني غفار إلَّا الدم يسيل إليهم فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم فإذا سعد يغذو جرحه دمًا فمات منها رضي الله عنه.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس قالت: فسمعت وئيد الأرض ورائي يعني حسّ الأرض، قالت: فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة قالت: فجلست إلى الأرض، فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد، قالت: وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم، قالت: فمر وهو يرتجز ويقول:
لبث قليلًا يدرك الهيجا جمل ... ما أحسن الموت إذا حان الأجل
قالت: فقمت فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين، وإذا فيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه سبغة يعني له مغفرًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>