وادّعى قتلَه غير واحد، فذكر عن العرس بن عراهم أنهم وجدوه باركًا، ووجدوا خاتمه مع رجل يعرف بالعسقلانيّ مع سيفه، وادّعى أنه طعنه وسلبَه، وادّعى سعد الضِّبابيّ أنه قتله.
وذكر عن أبي الحسين خالى أبي السناء أنه طعن في الغَلَس رجلًا في ظهره لا يعرفه، فأصابوا في ظهر أبي الحسين طعنة ولا يُدْرَى مَنْ قتله، لكثرة من ادّعاه، وورد الرأس دار محمد بن عبد الله بن طاهر، وقد تغبّر فطلبوا مَنْ يقوّر ذلك اللحم، ويخرِج الحدقَة والغَلْصمة، فلم يوجد، وهرب الجزّارون، وطُلب ممن في السجن من الخرّمية الذبّاحين من يفعل ذلك فلم يقدم عليه أحد، إلا رجل من عمال السجن الجديد، يقال له سهل بن الصغديّ، فإنه تولى إخراج دماغه وعينيه وقوّره بيديه، وحُشِي بالصبر والمسك والكافور بعد أن غسل وصُيِّر في القطن، وذكر أنهم رأوا بجنبيه ضربة بالسيف منكرة.
ثم إنّ محمد بن عبد الله بن طاهر أمر بحمل رأسْه إلى المستعين من غد اليوم الذي وافاه فيه، وكتب إليه بالفتح بيده، ونصب رأسه بباب العامّة بسامُرّا، واجتمع الناس لذلك، وكثروا وتذمَّرُوا، وتولَّى إبراهيم الديرج نَصْبَه؛ لأن إبراهيم بن إسحاق خليفة محمد بن عبد الله أمَرَه فنصبه لحظة، ثم حُطّ، وردّ إلى بغداد لينصب بها بباب الجسر؛ فلم يتهيّأ ذلك لمحمد بن عبد الله لكثرة من اجتمع من الناس، وذُكر لمحمد بن عبد الله أنهم على أخذه اجتمعوا، فلم ينصبه وجعله في صندوق في بيت السلاح في داره، ووجّه الحسين بن إسماعيل بالأسرَى ورؤوس مَنْ قتل معه مع رجل يقال له أحمد بن عصمويه ممّن كان مع إسحاق بن إبراهيم، فكدّهم وأجاعهم وأساء بهم؛ فأمر بهم فحبِسوا في سجن الجديد، وكتب فيهم محمد بن عبد الله يسأل الصفح عنهم، فأمر بتخليتهم، وأن تدفن الرؤوس ولا تُنصب، فدفنت في قصر بباب الذهب.
وذُكِر عن بعض الطاهريّين أنه حضر مجلس محمد بن عبد الله وهو يُهنّأ بمقتل يحيى بن عمر وبالفتح وجماعة من الهاشميين والطالبيّين وغيرهم حضور؛ فدخل عليه داود بن القاسم أبو هاشم الجعفريّ فيمن دخل، فسمعهم يهنّئونه، فقال: أيها الأمير؛ إنك لتهنّئأ بقتل رجل لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيًّا لَعُزِّيَ به! فما ردّ عليه محمد بن عبد الله شيئًا، فخرج أبو هاشم الجعفريّ، وهو يقول: