عبد الله؛ وهما بمدينة سارية، وانضمّ إلى الحسن بن زيد مع مَنْ بايعه من أهل النواحي التي ذكرت؛ لما بلغهم ظهوره بها حوزيّة جبال طبرستان كما صْمُغَان وفادُسْبان وليث بن قباذ، ومن أهل السفح خشكجستان بن إبراهيم بن الخليل بن ونداسفجان، خلا ما كان من سكان جبل فرِيم؛ فإن رئيسهم كان يومئذ والمتملك عليهم قارن بن شهريار؛ فإنه كان ممتنعًا بجبله وأصحابه، فلم ينقَدْ للحسن بن زيد ولا مَنْ معه حتى مات ميتة نفسه، مع موادعة كانت بينهما في بعض الأحوال، ومخاتنة ومصاهرةٍ كفّا من قارن بذلك من فعله عاديَة الحسن بن زيد ومن معه.
ثم زحف الحسن بن زيد وقُوّاده من أهل النواحي التي ذكرت نحو مدينة آمُل، وهي أول مدن طبرستان مما يلي كلار وسالوس من السفْح - وأقبل ابن أوس من سارية إليها يريد دفعَه عنها، فالتقى جيشاهما في بعض نواحي آمُل، ونشَبت الحرب بينهم، وخالف الحسن بن زيد وجماعة ممن معه من أصحابه موضع معركة القوم إلى ناحية أخرى، فدخلوها فاتصل الخبر بدخوله مدينة آمل بابن أوس، وهو مشتغل بحرب مَنْ هو في وجهه من رجال الحسن بن زيد؛ فلم يكن له همٌّ إلا النّجاء بنفسه واللحاق بسليمان بسارية؛ فلما دخل الحسن بن زيد آمُل كَثُف جيشه، وغلظ أمره، وانقضّ إليه كلّ طالب نهبٍ ومُريد فتنة من الصعاليك والحوزية وغيرهم؛ فأقام - فيما حُدّثت - الحسن بن زيد بآمُل أيامًا؛ حتى جبى الخراج من أهلها، واستعدّ، ثم نهض بمن معه نحو سارية مريدًا سليمان بن عبد الله، فخرج سليمان وابن أوس بمَنْ معهما من جيوشهما؛ فالتقى الفريقان خارج مدينة سارية، ونشبت الحرب بينهم، فخالف الوجهَ الذي التقى فيه الجيشان بعضُ قواد الحسن بن زيد إلى وجه آخر من وجوه سارية، فدخلها برجاله وأصحابه، فانتهى الخبر إلى سليمان بن عبد الله ومَنْ معه من الجند؛ فلم يكن لهم همٌّ غير النجاة بأنفسهم.
ولقد حدثني جماعة من أهل تلك الناحية وغيرها، أنّ سليمان بن عبد الله هَرَب وترك أهله وعِياله وثَقَله وكلّ ما كان له بسارية من مال وأثاث وغير ذلك بغير صانع ولا دافع؛ فلم يكن له ناهية دون جُرجان، وغلب على ما كان له ولغيره بها من جُنده الحسن بن زيد وأصحابه.