أورده دِجْلة من باب قطيعة أم جعفر، حتى أورده قصر حميد بن عبد الحميد، ورتَّب على كل باب قائدًا في جماعة من أصحابه وغيرهم وأمر بحفر الخنادق حول السورين كما يدوران في الجانبين جميعًا ومظلَّات يأوي إليها الفرسان في الحرّ والأمطار؛ فبلغت النفقة - فيما ذكر - على السورين وحفر الخنادق والمظلات ثلثمئة ألف دينار وثلاثين ألف دينار؛ وجعل على باب الشماسية خمس شدّاخات بعرض الطريق؛ فيها العوارض والألواح والمسامير الطِّوال الظاهرة، وجُعل من خارج الباب الثاني باب معلّق بمقدار الباب ثخين، قد ألبِس بصفائح الحديد، وشُدّ بالحبال كي إن وافى أحدٌ ذلك البابَ أرسل عليه الباب المعقق، فقتل مَنْ تحته، وجعل على الباب الداخل عرّادة، وعلى الباب الخارج خمسة مجانيق كبار؛ وفيها واحدٌ كبير سمَّوه الغضبان، وستّ عرّادات ترمِي بها إلى ناحية رقّة الشمّاسيّة؛ وصُيّر على باب البَرَدان ثماني عَرّادات في كلّ ناحية أربع، وأربع شدّاخات وكذلك على كلّ باب من أبواب بغداد في الجانب الشرقيّ والغربيّ، [وجعل على كلّ باب من أبوابها قوادًا برجالهم] وجعل لكلّ باب من أبوابها دهليزًا بسقائف تَسَعُ مئة فارس ومئة راجل؛ ولكل منجنيق وعرّادة رجالًا مرتّبين يمدّودن بحباله، وراميًا يرمي إذا كان القتال، وفرض فروضًا ببغداد ومرّ قوم من أهل خراسان قدموا حجّاجًا، فسألوا المعونة على قتال الأتراك، فأعينوا، وأمر محمد بن عبد الله بن طاهر أن يُفْرَض من العيَّارين فرض، وأن يُجعل عليهم عريف، ويُعمل لهم تراس من البواريّ المقيَّرة، وأن يُعمل لهم مخالٍ تُملأ حجارة، ففعل ذلك وتولى - فيما ذكر - عمل البواريّ المميّرة محمد بن أبي عون، وكان الرّجل منهم يقوم خلْف الباريّة فلا يُرى منها. عُمِلت نسائجات، أنفق عليها زيادة على مئة دينار؛ وكان العريف على أصحاب البواريّ المقيرة من العتارين رجلًا يقال له ينْتَوَيْه، وكان الفراغ من عمل السور يوم الخميس لسبع بقين من المحرم.
وكتب المستعين إلى عمّال الخراج بكل بلدة وموضع أن يكون حملهم ما يحملون من الأموال إلى السلطان إلى بغداد، ولا يحملون إلى سامُرّا شيئًا؛ وإلى عمّال المعاون في ردّ كتب الأتراك، وأمر بالكتاب إلى الأتراك والجند الذين بسامُرّا يأمرهم بنقض بيعة المعتزّ ومراجعة الوفاء ببيعتهم إياه، ويذكرهم أياديه