فانصرف إلى المعتزّ وصار معه، وقدم عبد الله بن بُغا الصغير بغداد على أبيه؛ وكان قد تخلّف بسامُرّا حين خرج أبوه منها مع المستعين، وصار إلى المستعين، فاعتذر اليه وقال لأبيه: إنما قدمتُ إليك لأموت تحت ركابك، وأقام ببغداد أيامًا، ثم استأذن ليخرج إلى قرية بقرب بغداد على طريق الأنبار، فأذن له؛ فأقام فيها إلى الليل، ثم هرب من تحت ليلته، فمضى في الجانب الغربيّ إلى سامُرّا مجانبًا لأبيه وممالئًا عليه؛ واعتذر إلى المعتزّ من مصيره إلى بغداد، وأخبره أنه إنما صار إليها ليعرف أخبارهم، وليصير إليه فيُعرّفه صحتها، فقبل ذلك منه، وردّه إلى خدمته.
وورد الحسن بن الأفشين بغداد، فخلع عليه المستعين، وضمّ إليه من الأشروسنيّة وغيرهم جماعة كثيرة، وزاد في أرزاقه ستة عشر ألف درهم في كلّ شهر (١).
ولم يزل أسد بن داودسياه مقيمًا بسامُرّا، حتى هرب منها، فذُكر أنّ الأتراك بعثوا في طلبه إلى ناحية الموصل والأنبار والجانب الغربيّ في كل ناحية خمسين فارسًا، فوافَى مدينة السلام؛ فدخل على محمد بن عبد الله، فضمّ إليه من أصحاب إبراهيم الديرج مئة فارس ومئتي راجل، ووكّله بباب الأنبار مع عبد الله بن موسى بن أبي خالد.
وعقد المعتزّ لأخيه أبي أحمد بن المتوكل يوم السبت لسبع بقين من المحرّم من هذه السنة - وهي سنة إحدى وخمسين ومئتين - على حرب المستعين وابن طاهر، وولّاه ذلك، وضمّ إليه الجيش، وجعل إليه الأمرَ والنهي، وجعل التدبير إلى كلباتكين التركيّ، فعسكر بالقاطول في خمسة آلاف من الأتراك والفراغنة وألفين من المغاربة، وضمّ المغاربة إلى محمد بن راشد المغربيّ، فوافوا عُكْبراء ليلة الجمعة لليلة بقيت من المحرّم؛ فصلّى أبو أحمد، وفى عا للمعتزّ بالخلافة؛ وكتب بذلك نسخًا إلى المعتزّ؛ فذكر جماعة من أهل عكْبراء أنهم رأوا الأتراك والمغاربة وسائر أتباعهم؛ وهم على خوف شديد، يروْن أنّ محمد بن عبد الله قد خرج إليهم فسبقهم إلى حربهم، وجعلوا ينتهبون القرى