للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بين عُكبراء، وبغداد وأوانا وسائر القرى من الجانب الغربيّ، تخوّفًا على أنفسهم وخلّوْا عن الغَلّات والضّياع؛ فخرّبت الضياع، وانتُهبت الغَلّات والأمتعة وهدِمت المنازل، وسُلب الناس في الطريق (١).

ولمّا وافى أبو أحمد عُكبراء ومَنْ معه خرج جماعة من الأتراك الذين كانوا مع بُغا الشرابيّ بمدينة السلام من مَواليه، والمضمومين إليه، فهربوا ليلًا، فاجتازوا بباب الشمّاسيّة؛ وكان على الباب عبد الرحمن بن الخطاب، ولم يعلم بخبرهم؛ وبلغ محمد بن عبد الله ذلك، فأنكره عليه وعنَّفه وتقدّم في حفظ الأبواب وحراستها والنفقة على من يتولّاها.

ولما وافى الحسن بن الأفشين مدينة السلام وُكّل بباب الشّماسية.

ثم وافى أبو أحمد وعسكره الشماسيّة ليلةَ الأحد لسبع خلون من صفر، ومعه كاتبه محمد بن عبد الله بن بشر بن سعد المرثديّ، وصاحب خبر العسكر من قِبَل المعتزّ الحسن بن عمرو بن قماش ومن قِبَله، صاحب خبر له يقال له جعفر بن أحمد البناتي، يعرف بابن الخبازة، فقال رجل من البصريّين كان في عسكره ويعرف بباذنجانة:

يا بني طاهر أتتكمْ جنودُ الله ... والموتُ بينها منثورُ

وجيوشٌ أمامَهُنّ أبو أحمد ... نعْمَ الموْلى ونِعْمَ النصيرُ

ولمّا صار أبو أحمد بباب الشمّاسية ولَّى المستعين الحسين بن إسماعيل باب الشماسية، وصيَّر مَنْ هناك من القوّاد تحت يده؛ فلم يزل مقيمًا هناك مدّة الحرب إلى أن شخص إلى الأنبار؛ فولَّى مكانه إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم؛ ولثلاث عشرة مضتْ من صفر؛ صار إلى محمد بن عبد الله جاسوس له؛ فأعلمه أن أبا أحمد قد عبَّى قومًا يحرقون ظلال الأسواق من جانبيْ بغداد، فكُشطت في ذلك اليوم.

وذكر أن محمد بن عبد الله وجّه محمد بن موسى المنجم والحسين بن إسماعيل، وأمرهما أن يخرجا من الجانب الغربيّ، وأن يرتفعا حتى يجاوزا


(١) انظر المنتظم (١٢/ ٤٥) وقد علّق ابن كثير على هذه الفتنة قائلًا: ثم جرت بينهما حروب طويلة وفتن مهولة جدًّا قد ذكرها ابن جرير مطولة [البداية والنهاية ٨/ ٢١٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>