عسكر أبي أحمد ويحزُرا: كَمْ في عسكره؟ فزعم محمد بن موسى أنه حَزَرهم ألفيْ إنسان، معهم ألف دابة؛ فلما كان يوم الإثنين لعشر خلوْن من صفر وافت طلائع الأتراك إلى باب الشمّاسيّة، فوقفوا بالقرب منه؛ فوجّه محمد بن عبد الله الحسينَ بن إسماعيل والشاه بن ميكال وبُندار الطبريّ فيمن معهم؛ وعزم على الركوب لمقاتلتهم، فانصرف إليه الشاه، فأعلمه أنه وافَى بمَنْ معه باب الشّماسيّة.
فلمّا عاين الأتراك الأعلام والرايات وقد أقبلت نحوَهم انصرفوا إلى معسكرهم؛ فانصرف الشاه والحسين، وترك محمد الركوب يومئذ.
فلمَّا كان يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من صفر عزم محمد بن عبد الله على توجيه الجيوش إلى القُفْص ليعرض جنده هنالك، ويُرهب بذلك الأتراك؛ وركب معه وصيف وبُغا في الدُّروع، وعلى محمد دِرْع، وفوق الدرْع صُدرة من درع طاهر؛ وعليه ساعد حديد؛ ومضى معه بالفقهاء والقضاة، وعزم على دعائهم إلى الرجوع عمّا هم عليه من التمادي في الطُّغيان واللجَاج والعِصْيان، وبعث يبذل لهم الأمان على أن يكون أبو عبد الله وليّ العهد بعد المستعين؛ فإنْ قبلوا الأمان وإلّا باكرهم بالقتال يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة تخلو من صفر؛ فمضى نحو باب قُطْربل، فنزل على شاطئ دجلة هو ووصيف وبغا، ولم يمكنْه التقدّم لكثرة الناس؛ وعارضهم من جانب دِجلة الشرقيّ محمد بن راشد المغربيّ.
ثم انصرف محمد؛ فلما كان من الغد وافتْه رسل عبد الرحمن بن الخطاب وجه الفُلْس وعَلك القائد ومَنْ معهما من القوَّاد، يعلمونه أْنّ القوم قد دنوْا منهم، وأنهم قد رجعوا إلى عسكرهم إلى رقة الشماسيّة، فنزلوا وضربوا مضاربَهم فأرسل إليهم ألا تبدؤوهم، وإن قاتلوكم فلا تقاتلوهم؛ وادفعوهم اليوم، فوافى باب الشماسيّة اثنا عشر فارسًا من عسكر الأتراك - وكان على باب الشماسيّة باب وسَرَب وعلى السّرَب باب، فوقف الاثنا عشر الفارس بإزاء الباب، وشتموا مَنْ عليه، ورموا بالسهام، ومن بباب الشماسية سكوت عنهم؛ فلما أكثروا أمر علَك صاحب المِنجنيق أن يرميَهم؛ فرماهم فأصاب منهم رجلًا فقتله؛ فنزل أصحابه إليه، فحملوه وانصرفوا إلى عسكرهم بباب الشماسيّة.
وقدم عبد الله بن سليمان خليفة وصيف التركيّ الموجّه إلى طريق مكة لضبط