قال: فقال لهم: كان ينبغي لكم أن تحوّلوا متاعكم إلى منازلكم؛ وكبُر عنده ذلك.
وقدم بحونة بن قيس بن أبي السعديّ يوم السبت لثمان بقين من صفر بمن فَرض من الأعراب وهم ستمئة راجل ومئتا فارس. وقدم في هذا اليوم عشرة نفر من وجوه أهل طَرَسوس يشكون بلكاجور، ويزعمون أن بيعة المعتزّ وردت عليه، فخرج بعد ساعتين من وصول الكتاب، ودعا إلى بيعة المعتزّ، وأخذ القوّادَ وأهل الثغر بذلك فبايع أكثرهم، وامتنع بعض، فأقبل على مَن امتنع بالضرب والقيد والحبس. وذكر أنهم امتنعوا وهربوا لمّا أخذهم بالبيعة كرهًا، فقال وصيف: ما أظن الرّجل إلَّا [اغترّ ومُوِّه عليه] وأن الوارد عليه بكتاب المعتزّ هو الليث بن بابَك، وذكر له أنّ المستعين مات، وأقاموا المعتزّ مكانه؛ فتكلّم هؤلاء النفر يشكون بلكاجور، ونسبوه إلى أنه فعل ذلك على عمد، ورفعوا عليه أنه كان يرَى في بني الواثق، وقد ورد كتاب بلكاجور يوم الأربعاء لأربع بقين من صفر مع رجل يقال له عليّ الحسين المعروف بابن الصّعلوك؛ يذكر فيه أنه ورد عليه كتاب من أبي عبد الله بن المتوكل، أنه قد وليَ الخلافة، وبايع له. فلما ورد عليه كتاب المستعين بصحة الأمر، جدّد أخذ البيعة على مَنْ قِبَله، وأنه على السمع والطاعة له. فأمر للرسول بألف درهم فقبضها، وقد كان أمر بالكتاب إلى محمد بن عليّ الأرمني المعروف بأبي نصر بولايته على الثغور الشامية، فلما ورد كتاب بلكاجور بالطاعة أمسك عن إنفاذ كتاب محمد بن عليّ الأرمنيّ بالولاية.
وفي يوم الإثنين لست بقين من صفر من هذه السنة قدم إسماعيل بن فراشة من ناحية همذَان في نحو ثلثمئة فارس، وكان جنده ألفًا وخمسمئة فتقدّم بعضُهم وتأخر بعض، وتفرّقوا، وقدم معه برسول للمعتزّ، كان وُجّه إليه لأخذ البيعة، فقيّد الرسول وصار به إلى مدينة السلام على بغل بلا إكاف، فخلع على إسماعيل خمس خلع. وورد برجل ذكر أنه علويّ أخذ بناحية الريّ وطبرستان، متوجهًا إلى مَنْ هناك من العلوية؛ وكان معه دوابّ وغلمان؛ فأمر به فحبِس في دار العامة أشهرًا، ثم أخذ منه كفيل وأطلِق.
وقرئ في هذا اليوم كتاب موسى بن بغا يذكر فيه أنه ورد كتاب المعتزّ، وأنه دعا أصحابه، وأخبرهم بما حدَث، وأمرهم بالانصراف معه إلى مدينة السلام؛ فامتنعوا، وأجابه الشاكريّة والأبناء، واعتزله الأتراك ومَنْ كانَفهم، وحاربوه