المغاربة صار في هذا اليوم إلى سور باب الشمّاسية؛ فرمى كُلّابًا إلى السور، وتعلّق به وصعد، فأخذه الموكلُون بالسور فقتلوه، ورَموْا برأسه في المنجنيق إلى عسكر الأتراك؛ وانصرفوا عند ذلك إلى معسكرهم.
وذكر أنّ بعض الموكلين بسُور باب الشمّاسية من الأبناء هاله ما رأى من كثرة مَنْ ورد باب الشمّاسية في هذا اليوم من الأتراك والمغاربة؛ وكانوا قَربُوا من الباب بأعلامهم وطبولهم، ووضع بعض المغاربة كلّابًا على السور؛ فأراد بعض الموكّلين بالسور أن يصيح: يا مستعين، يا منصور، فغلط، فصاح: يا معتز، يا منصور؛ فظنّه بعض الموكلين بالباب من المغاربة، فقتلوه وبعثوا برأسه إلى دار محمد بن عبد الله؛ فأمر بنصبه، فجاءت أمه وأخوه في عشية هذا اليوم بجُثّته في محمل يصيحان ويطلبان رأسه، فلم يُدفع إليهما؛ ولم يزل منصوبًا على الجسر إلى أن أنزل مع ما أنزل من الرؤوس.
ووافى ليلة الجمعة لسبع بقين من صَفَر جماعة من الأتراك باب البَرَدان؛ وكان الموكّل به محمد بن رجاء؛ وذلك قبل شخوصه إلى ناحية واسط، فقتل منهم ستة نفر، وأسر أربعة، وكان الدّرغمان شجاعًا بطلًا، وصار في بعض الأيام مع الأتراك إلى باب الشماسيّة، فرمي بحجر منْجنيق، فأصاب صدره؛ فانصُرف به إلى سامُرَّا، فمات بين بُصرى وعُكْبراء؛ فحمل إلى سامرّا؛ فذكر يحيى بن العكيّ القائد المغربيّ أنه كان إلى جنب الدّرْغمان في يوم من أيامهم؛ إذ وافاه ناوكيّ، فأصاب عينه، ثم أصابه بعد ذلك حَجَر فأطار رأسه، فحمل مَيتًا.
وذُكر عن عليّ بن حسن الرامي، أنه قال: كنّا قد جمعنا على السور على باب الشمّاسية من الرّماة جماعة، وكان مغربيّ يجيء حتى يقرب من الباب، ثم يكشف استه ثم يضرط ويصيح؛ قال: فانتخبت له سهمًا فأنفذته في دُبره حتى خرج من حلقه، وسقط مَيتًا. وخرج من الباب جماعة فنصبوه كالمصلوب، وجاءت المغاربة بعد ذلك، فاحتملوه.
وذكر أنّ الغوغاء اجتمعوا بسامُرّا بعد هزيمة الأتراك يوم قُطْربّل، ورأوا ضعف أمر المعتزّ، فانتهبوا سوق أصحاب الحُلي والسيوف والصيارفة، وأخذوا جميعَ ما وجدوا فيها من متاع وغيره، فاجتمع التجار إلى إبراهيم المؤيد أخي المعتزّ، فشكوا ذلك إليه، وأعلموه أنهم قد كانوا ضمنوا لهم أموالهم وحفظها عليهم.