للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبَساتين وقطعْ النَّخْل والشَّجر من باب الشمّاسية إلى ثلاثة أبواب؛ لتتسع الناحية على مَنْ يحارب فيها؛ وكان وُجّه من ناحية فارس والأهواز نيّفٌ وسبعون حمارًا بمال إلى بغداد، قدم به - فيما ذكر - منكجور بن قارن الأشروسنيّ القائد، فوجَّه الأتراك وأبو أحمد بن بابك إلى طرارستان في ثلثمئة فارس وراجل؛ ليتلفى ذلك المال إذا صار إليها. فوجّه محمد بن عبد الله قائدًا له يقال له: يحيى بن حفص، يحمل ذلك المال، فعدَل به عن طرارستان، خوفًا من ابن بابك؛ فلما علم ابن بابك أن المال قد فاته صار بمن معه إلى النهروان، فأوقع من كان معه من الجند بأهلها، وأخرج أكثرهم، وأحرق سفن الجسر، وهي أكثر من عشرين سفينة، وانصرف إلى سامُرّا.

وقدم محمد بن خالد بن يزيد - وكان المستعين قلده الثغور الجزريّة، وكان مقيمًا بمدينة بلد ينتظر من يصير إليه من الجند والمال - فلما كان من اضطراب أمر الأتراك ودخول المستعين بغداد ما كان، لم يمكنه المصير إلى بغداد إلَّا من طريق الرّقة، فصار إليها بمَن معه من خاصّته وأصحابه؛ وهم زهاء أربعمئة فارس وراجل، ثم انحدر منها إلى مدينة السلام، فدخلها يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من صفر، فصار إلى دار محمد بن عبد الله بن طاهر؛ فخلع عليه خمس خلع: دَبيقي، ومُلْحم، وخزّ، ووشْي، وسواد، ثم وجهه في جيش كثيف لمحاربة أيوب بن أحمد؛ فأخذ على ظهر الفرات فحاربه في نفر يسير، فهُزم وصار إلى ضَيْعته بالسواد.

فذكر عن سعيد بن حميد أنه قال: لمّا انتهى خبر هزيمة محمد بن عبد الله، قال: ليس يُفلح أحدٌ من العرب إلَّا أن يكون معه نبيّ ينصره الله به.

وفي هذا اليوم كانت للأتراك وقعة بباب الشمّاسية، كانوا صاروا إلى الباب، فقاتلوا عليه قتالًا شديدًا حتى كشفوا مَنْ عليه، ورموا المنجنيق المنصوب بسرّة الباب بالنّفط والنار، فلم يعمل فيه نارهم، وكثرَهم من على الباب من الجند حتى أزالوهم عن موقفهم، ودفعوهم عن الباب بعد قتلهم عدّة يسيرة من أهل بغداد، وجرحهم منهم جماعةً كثيرة بالسِّهام. فوجّه محمد بن عبد الله إليهم عند ذلك العرّادات التي كانت تحمل في السفن والزّواريق، فرموْهم بها رميًا شديدًا، فقتلوا منهم جماعة كثير نحوًا من مئة إنسان، فتنحَّوْا عن الباب؛ وكان بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>