للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَمْرِ المنايا علينا طريقُ ... وللدّهرِ فيه اتساعٌ وضيقُ

فأيَّامُنا عِبرٌ للأَنامِ فمنها ... البُكورُ ومنها الطُّروقُ

ومنها هَنَاتٌ تُشِيبُ الوليدَ ... ويَخذُلُ فيها الصَّديقَ الصديقُ

وسُورٌ عَرِيضٌ له ذِرْوَةٌ ... تَفُوتُ العيونَ وبحْرٌ عَمِيقُ

قِتَالٌ مُبيدٌ وسَيْفٌ عَتِيدٌ ... وخَوْف شديد، وحِصْن وثيقُ

وطولُ صياحٍ لداعي الصباح الـ ... ـسلاحَ السلاحَ، فما يَسْتَفيق

فهذا قتيلٌ وهذا جريحٌ .... وهذا حريقٌ وهذا غريق

وهذا قتيل وهذا تَليل ... وآخرُ يَشْدخُهُ المنجنيقُ

هناكَ اغتصاب وثَمَّ انتهاب ... ودُورٌ خرابٌ وكانت تَرُوقُ

إذا ما سموْنا إلى مَسلَكٍ ... وجدناه قد سُدَّ عنا الطريقُ

فبالله نبلُغُ ما نَرْتجيهِ ... وباللهِ نَدفَعُ ما لا نطِيقُ

فأجابه محمد بن عبد الله - أو قيل على لسانه:

ألَا كلّ من زاغَ عن أمره ... وجارَ بِهِ عن هُداهُ الطريق

ملاقٍ من الأَمرِ ما قد وصَفْتَ ... وهذا بأَمثالِ هذا خَليقُ

ولا سيّما ناكثٌ بَيعةً ... وتوكيدُها فيه عهد وثيقُ

يُسَدُّ عليه طريقُ الهدى ... ويلقى مِنَ الأَمر ما لا يُطيقُ

وليسَ بِبالغٍ ما يَرْتجيه ... مَنْ كان عن غيه لا يُفِيقُ

أتانَا به خبرٌ سائرٌ ... رواه لنا عن خُلوقٍ خُلوقُ

وهذا الكتابُ لنا شاهدٌ ... يُصدِّقهُ ذَا النبيُّ الصَّدُوقُ

أما الشعر الأول؛ فإنه ينشد لعليّ بن أمية في فتنة المخلوع والمأمون، والجواب لا يعرف قائله.

وفي ربيع الآخر من هذه السنة ذُكر أن مئتي نفس من بين فارس وراجل مضوْا من قِبَل المعتزّ إلى ناحية البنَدنيجِين ورئيسهم تركيّ يدعى أبلج فقصدوا الحسن بن عليّ، فانتهبوا داره، وأغاروا على قريته، ثم صاروا إلى قرية قريبة منها، فأكلوا وشربوا، فلمّا اطمأنوا استصرخ عليهم الحسن بن عليّ أكرادًا من أخواله وقومًا من قرى حوله، فصاروا إليهم وهم غارّون، فأوقع بهم وقُتِل أكثرهم، وأسر سبعة عشر رجلًا منهم، وقتل أبلج، وهرب مَنْ بقي منهم ليلًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>