الثغور، وانتخبوا ودفع إليهم استحقاقهم، ونفذوا إليه يوم الثلاثاء، ورحل من قصر عَبْدويْه يوم الإثنين سَلْخ ربيع الآخر في نحو من ألف وخمسمئة رجل، وأخرج المعتزّ أبا نصر بن بُغا من سامُرّا على طريق الإسحاقيّ يوم الثلاثاء، فسار يومه وليلتَه، فصبّح الأنبار ساعة نزلها رُشيد بن كاوس.
وكان بحونة نازلًا في المدينة ورُشيد خارجها، فلمَّا وافى أبو نصر عاجَل رشيدًا وأصحابَه وهم غارُّون على غير تعبية، فوضع أصحابه فيهم السَّيف، ورموْهم بالنشاب فقتلوا عِدّة، وثار بعضُ أصحاب رشيد إلى أسلحتهم فقاتلوا الأترَاك والمغاربة قتالًا شديدًا، وقتلوا منهم جماعة، ثم انهزم الشاكريّة ورشيد على الطريق الذي جاؤوا فيه منصرفين إلى بغداد.
ولما بلغ بجونة ما لقيه أصحاب رشيد، وأنّ الأتراك قد مالوا عند انهزام رشيد إلى الأنبار عَبَر إلى الجانب الغربيّ، وقطع جسر الأنبار، وعبر معه جماعة من أصحابه، وصار رشيد إلى المُحَوَّل في ليلته، وسار بحونة في الجانب الغربيّ حتى وافى بغداد يوم الخميس بالعشيّ، ثم دخل رشيد في هذه العشيّة إلى دار ابن طاهر، فأعلم بحونة محمد بن عبد الله أنه عند مصير الأتراك إلى الأنبار وجّه إلى رشيد يسأله أن يوجّه إليه مئة رجل من الناشبة ليرتبهم قُدّام أصحابه، فامتنع من ذلك، وسأله أن يضمّ إليه ناشبة من الفرسان والرّجالة ليصير إلى بني عمه، وذكر أنهم مقيمون هنالك في الجانب الغربيّ على الطاعة وانتظار أمير المؤمنين، وضمن أن يتلافى ما كان منه، فضمّ إليه ثلثمئة رجل من فرسان الشاكرّية الناشبة ورجّالتهم، وخلع عليه خَمس خلع، ومضى إلى قصر ابن هُبيرة يستعدّ هنالك.
ثم اختار محمد بن عبد الله الحسينَ بن إسماعيل للأنبار، ووجّه محمد بن رجاء الحِضاريّ معه وعبد الله بن نصر بن حمزة ورشيد بن كاوس ومحمد بن يحيى وجماعة من الناس، وأمر بإخراج المال لمن يخرج مع الحسين ومع هؤلاء القوم؛ فامتنع مَنْ كان قدم من مَلَطْية من الشاكريّة وهم عُظْم الناس من قبْض رزق أربعة أشهر؛ لأنّ أكثرهم كان بغير دوابّ، وقالوا: نحتاج إلى أن نقوي في أنفسنا، ونشتريَ الدوابّ، وكان الذي أطلِق لهم أربعة آلاف دينار، ثم رضوا بقبض أربعة أشهر، فجلس الحسين في مجلسٍ على باب محمد بن عبد الله، وتقدّم في تَصحيح الجرائد، ليكون عَرضه الناس وأصحابه في مدينة أبي جعفر،