فأعطى في ذلك اليوم جماعة من خاصّته، ثم صار الحسين وأصحابُ الدّواوين بعد ذلك إلى مدينة أبي جعفر، ووضع العطاء لمَنْ يخرج معه من الجُنْد في ثلاثة مجالس؛ واستتمّ إعطاؤهم يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى.
فلمَّا كان يوم الإثنين أحضِر الحسين بن إسماعيل الدّار ومعه القواد الخارجون معه: رشيد بن كاوس، ومحمد بن رجاء، وعبد الله بن نصر بن حمزة، وأرمش الفرغانيّ، ومحمد بن يعقوب أخو حزام، ويوسف بن منصور بن يوسف البرْم، والحسين بن عليّ بن يحيى الأرمنيّ، والفضل بن محمد بن الفضل، ومحمد بن هَرْثمة بن النصر؛ وخلع على الحسين؛ وقُدّمت مرتبتُه إلى الفَوْج الثاني - وكان في الفوج الرابع - وخلع على هؤلاء القوّاد، وصُيّر رُشيد بن كاوس على المقدمة، ومحمد بن رجاء على الساقة، ومضى الحسين ومَنْ ضُمّ إليه من عشيرته وقوّاده إلى معسكرهم، وأمر وصيف وبغا أن يسبقا الحسين إلى معسكره، وشيّعه عبيدُ الله بن عبد الله وجميع قوّاد ابن طاهر وكتّابه وبنو هاشم والوجُوه إلى الياسريّة، وأخرج لأهل العسكر من المال ستة وثلاثون ألف دينار، وحمل إلى معسكر الياسرية بعدُ لإعطاء مَنْ بقي ألف وثمانمئة دينار، تمامَ استحقاقهم.
فلمّا كان يوم الخميس سارت مقدّمة الحسين والمقلّد لها عبد الله بن نصر ومحمد بن يعقوب في ألف فارس وراجل، فنزلوا البَثْق المعروف بالقاطوفة؛ وكان الأتراك قد وجّهوا إلى المنصوريّة على خمسة فراسخ من بغداد جماعةً منهم ومن المغاربة والغوغاء زُهاء مئة إنسان، فظُفر بسبعة من المغاربة، فوُجِّه بهم إلى الحسين، فأنفذهم إلى الباب، وسار الحسين يوم الجمعة لسبع بقِين من جمادى الأولى، وقد كان أهل الأنبار حين تنحّى بحونة ورشيد، وصار الأتراك والمغاربة إلى الأنبار ونادوا الأمان، فأعطُوه، وأمِروا بفتح حوانيتهم، والتسوّق فيها والانتشار في أمورهم، واطمأنُّوا إلى ذلك منهم وسكنوا، وطمعوا فيهم أن يفوا لهم، فأقاموا بذلك يومهم وليلتهم حتى أصبحوا وكان في وقت غلبتهم عليها وافتْهم سفن من الرَّقّة فيها دقيق وأطواف فيها زيت وغير ذلك؛ فأخذوه وجمعوا ما وجدوا فيها من إبل ودوابّ وبغال وحمير، ووجّهوا بذلك مع مَنْ يؤديه إلى