منازلهم بسامُرّا، وانتهبوا ما وجدوا، ووجّهوا برؤوس مَنْ قُتل من أصحاب رشيد وبحونة وأهل بغداد وبمن أسروا وكانوا مئة وعشرين رجلًا، والرؤوس سبعون رأسًا، وجعلوا الأسرى في الجُوالقات، قد أخرجوا منها رؤوسهم حتى صاروا إلى سامُرّا، وصار الأتراك إلى فم الأستانة، وحاولوا سدّها ليقطعوا ماء الفرات عن بغداد، فوجَّهوا رجلًا، ودفعوا إليه مالًا لآلة السِّكْر، وسدّه مع الفُلُوس والصواري، ففُطِن به وهو يبتاع ذلك، فَحُمِل إلى دار ابن طاهر بعد أن نالتْه العامّة بالضرب والشتمّ؛ حتى أشفى على الموت، فسئل عن أمره فصدَق، فوُجّه به إلى الحبس.
وكان ابن طاهر قد وجّه الحارث خليفة أبي الساج؛ فكان على طريق مكة إلى قصر ابن هبيرة، وضمّ إليه خمسمئة رجل من فرسان الشاكريّة القادمين معه، فنفذ ومَنْ معه لسبع خلون من جمادى الأولى، ووجّه ابن أبي دلف هشام بن القاسم في مئتي راجل وفارس إلى السِّيبَيْن، ليقيم هناك، فلما توجّه الحسين إلى الأنبار كُتب إليه باللحاق بعسكر الحسين ليصير معه إلى الأنبار، ونُودِيَ ببغداد في أصحاب الحسين ومزاحم بن خاقان أن يلحَقُوا بقوّادهم، فسار الحسين، وتقدّم خالد بن عمران حتى نزل دِممَّا؛ فأراد أن يعقد على نهر أنق جسرًا ليعبُر عليه أصحابه، فمانعه الأتراك، فعبَر إليهه جماعة من الرّجّالة فكشفوهم، وعقد خالد الجسر، فعبر هو وأصحابه، وصار الحسين إلى دِممّا، فعسكر خارجها، وأقام في معسكره يومًا، ووافتْه طلائع الأتراك ممّا يلي نهر أنق ونهر رُفَيْل فوق قرية دمِمَّا، فصفّ الحسين أصحابه من جانب النهر والأتراك من الجانب الآخر، وهم زُهاء ألف رجل، وتراشقوا بالسهام، فجُرح بينهم عداد، وانصرف الأتراك إلى الأنبار.
وكان بحونة مقيمًا بقصر ابن هبيرة، فانضمّ إلى الحسين في جميع من كان معه من الأعراب وغيرهم، وكتب بحونة يسأل مالًا لإعطاء أصحابه؛ فأمر أن يحمل إلى معسكر الحُسين لإعطاء أصحاب بحونة ثلاثة آلاف دينار، وحمِل إلى الحسين مال وأطواق وأسورة وجوائز لمن أبلى في الحرب، وكان الحسين وُعد أنْ يُمَدّ بالرجال حتى يكمل عسكره عشرة آلاف رجل، فكتب ينتجز ذلك؛ فأمر بتوجيه أبي السنا محمد بن عبدوس الغنويّ والجحاف بن سواد في ألف فارس