مُصعِدًا إلى قنطرة بهلايا - وهي موضع السِّكْر - وخرجت معه نحو من عشرين سفينة، وركب عبيد الله بن عبد الله وأحمد بن إسرائيل والحسن بن مخلد إلى عسكر الحسين بن إسماعيل بالياسريّة، فقرؤوا على الحسين والموّاد كتابًا كُتبِ به عن المستعين، يخبرهم فيه بسوء طاعتهم وماركبوا من العصيان والتخاذل؛ فقرئ عليهم والعسكر مقيم، والعُرَّاض يعرضونهم ليتعرّفوا مَنْ قُتِل ومَنْ غرق من كل قيادة، ونودي باللَّحاق بعسكرهم، فخرجوا، وأتاهم كتاب بعض عيونهم بالأنبار يخبر أنّ القتلى كانت من الأتراك أكثر من مئتين، والجرحى نحوًا من أربعمئة؛ وأن جميع مَنْ أسره الأتراك من أهل بغداد الجيشية والفروض من الرَّجّالة مئتان وعشرون إنسانًا، وأنه عدّ رؤوس مَنْ قتِل فوجدها سبعين رأسًا، وكانوا أخذوا جماعة من أهل الأسواق، فصاحوا لأبي نصر: نحن أهل السوق، فقال: ما بالكم معهم! فقالوا: أكرِهنا فخرجنا، شئنا [أو أبينا] فأطلق من كان منهم يشبه السوقة. وأمر بحبس الأسرى في القَطِيعة.
وذُكر عن صاحب بغال السلطان: أن جميع ما ذهب من بغال السلطان مئة وعشرون بغلًا.
ورحل الحسين يوم الإثنين لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الآخرة، وكتب إلى خالد بن عمران وهو مقيم على السِّكْر، أن يرحل متقدِّمًا أمامه، فامتنع خالد من ذلك؛ وذكر أنه لا يبرح من موضعه إلَّا أن يأتيَه قائد في جُند كثيف فيقيم مكانه، لأنه يتخوّف أن يأتيَه الأتراك من خَلْفه من عسكرهم بناحية قُطْربُّل، وأمر ابن طاهر بمال، فحمل إلى الحسين بن إسماعيل لإعطاء جميع من في عسكره رزق شهر واحد؛ ليُفرَّق فيهم بدممّا، وأمر أن يخرج معه الكتاب والعُرّاض لأصحابه هنالك، وقلَّد أمر نفقات عسكره وإعطاء الجند من قبَل ديوان الخراج الفضلَ بن مظفَّر السبعيّ وحمَل المال مع السَّبْعيّ إلى معسكر الحسين، لينفذ معه إذا نفذ.
وقد قيل: إنّ الحسين ارتحل إلى الأنبار في النصف من ليلة الأربعاء لعشر بقين من جمادى الآخرة، فسارَ وتبعه من في عسكره يوم الأربعاء، ونودي في أصحابه باللحاق به، فسار حتى نزل دمِمَّا، وأراد أن يعقد على نهر أنق جسرًا ليعبُر عليه، فمانعه الأتراك، فعبر إليهم جماعة من أصحابه من الرَّجَّالة،