للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحاربوهم حتى كشفوهم، وعقد خالد الجسر، فعبر أصحابه ووجّه محمد بن عبد الله بكاتبه محمد بن عيسى بشيء شافهه به، فيقال: إنه حمل معه أطْوَاقًا وأسورة، وانصرف إلى منزله، وصار إلى الحسين يوم السبت لثمان خَلَوْن من رجب رجل، فأخبره أن الأتراك قد دُلُّوا على عدّة مواضع في الفرات، تُخاض إلى عسكره، فأمر بضرب الرجل مئتي سوط، ووكل بالمخاوض رجلًا من قُوّاده، يقال له الحسين بن عليّ بن يحيى الأرمنيّ في مئة راجل ومئة فارس؛ فطلع أوَّل القوم، فخرج عليهم وقد أتاه منهم أربعة عشر علمًا، فقاتل أصحابه ساعةً، ووكل بالقنطرة أبا السَّنا، وأمره أن يمنع مَن انهزم من العُبور؛ فأتى الأتراك المخاضَة، فرأوا الموكَّل بها، فتركوه واقفًا، وصاروا إلى مخاضة أخرى خَلْف الموكّل فقاتلوهم، فصبر الحسين بن عليّ وقاتل، فقيل للحسين بن إسماعيل، فقصد نحوَه، ولم يصل إليه حتى انهزم، وانهزم خالد بن عمران معه ومَنْ معه، ومنعهم أبو السنا من العبُور على القنطرة، فرجع الرجَّالة والخزاسانية فرَموْا بأنفسهم في الفرات، فغرق من لم يُحسن السباحة، وعَبَر مَنْ كان يحسن السباحة، فنجا عُريانًا، وخرج إلى جزيرة لا يصل منها إلى الشَّطّ، لِمَا على الشطّ من الأتراك، فذكر عن بعض جند الحسين، أنه قال: بعث الحسين بن عليّ الأرمني إلى الحسين بن إسماعيل أنّ الأتراك قد وافوا المخاضَة، فأتاه الرسول، فقيل: الأمير نائم، فرجع الرسول فأعلمه، فردّ آخر، فقال له الحاجب: الأمير في المخرَج، فرجع فأخبره، فردّ رسولًا ثالثًا، فقال: قد خرج من المخرَج ونام؛ فعلت الصيحة فعَبر الأتراك، فقعد الحسين في زورق أو شبّارة، وانحدر واستأثر قوم من الخُراسانية، ورموا ثيابهم وسلاحهم، وقعدوا على الشطّ عُراةً، وشدّ أصحاب أعلام الأتراك حتى ضربوا أعلامهم على مضرب الحسين بن إسماعيل، واقتطعوا السوق، وانحدرت عامة السفن، فسلمت إلَّا ما كان موكّلًا به منها، ولحق الأتراك أصحاب الحسين، فوضعوا فيهم السيف؛ فقتلوا وأسروا نحوًا من مئتين، وغرق خَلْقٌ كثير؛ ووافى الحسين والمنهزمة بغدادَ نصف الليل، ووافى فلّهم وبقيّتهم في النهار؛ وفيهم جرحى كثيرة، فلم يزالوا إلى نصف النهار يتتابعون عُراة مجرَّحين، وفُقِد من قواد الحسين بن يوسف اليَرْم وغيره. ثم جاء كتابه أنه أسير في أيدي الأتراك عند مُفْلح؛ وأنَّ عدّة الأسرى من وقعة الحسين الثانية مئة ونيّف وسبعون إنسانًا، والقتلى مئة، والدوابّ نحو من

<<  <  ج: ص:  >  >>