وأنفذتُه إلى أمير المؤمنين مع عبيد الله بن عبد الله مولى أمير المؤمنين وعبده.
ومنع المستعين الخروج إلى مكة، واختار أن ينزل البصرة، فذكر عن سعيد بن حميد أن محمد بن موسى بن شاكر، قال: البصرة وبيَّة، فكيف اخترت أن تنزلها! فقال المستعين: هي أوْبى، أو ترك الخلافة!
وذكر: أنّ قُرْب جارية قبيحة جاءت برسالة إلى المستعين من المعتزّ، يسأله أن ينزل عن ثلاث جوارٍ كان المستعين تزوجهنّ من جواري المتوكل، فنزل عنهنّ، وجعل أمرهنّ إليهنّ؛ وكان احتبس عنده من الجوهر خاتمين يقال لأحدهما البُرْج وللآخر الجَبَل، فوجَّه إليه محمد بن عبد الله بقُرْبَ خاصيّة المعتزّ وجماعة، فدفعهما إليهم، وانصرفوا بذلك إلى محمد بن عبد الله، فوجّه به إلى المعتزّ.
ولست خلون من المحرَّم دخل - فيما قيل - بغداد أكثر من مئتيْ سفينة، فيها من صنوف التجارات وغنم كثير، وأُشخِص المستعين مع محمد بن مظفّر بن سَيسَل وابن أبي حفصة إلى واسط في نحو من أربعمئة فرسان ورجّالة، وقدم بعد ذلك على ابن طاهر عيسى بن فرّخانشاه وقُرْب، فأخبراه أن ياقوتة من جوهر الخلافة قد حبَسها أحمد بن محمّد عنده؛ فوجّه ابنُ طاهر الحسين بن إسماعيل فأخرجهما فإذا ياقوتة بهيّة، أرج أصابع طولًا في عرض مثل ذلك، وإذا هو قد كتب عليها اسمه، فدفعت إلى قُرْب، فبعثتْ بها إلى المعتزّ.
واستوزر المعتزّ أحمد بن إسرائيل، وخلع عليه، ووضع تاجًا على رأسه، وشخص أبو أحمد إلى سامُرّا يوم السبت لاثنتي عشرة خلت من المحرّم منها، وشيَّعه محمد بن عبد الله والحسن بن مخلد، فخلع على محمد بن عبد الله خمس خلع وسيفًا، ورجع من الرّوذباز.
وقال بعض الشعراء في خلع المستعين:
خُلِعَ الخلافةَ أحمدُ بنُ محمدٍ ... وسيُقتَلُ التالي له أو يُخلَعُ
ويزولُ مُلكُ بني أَبيه ولا يُرى ... أحدٌ تَملّكَ منهمُ يَستَمتِعُ
إيهًا بني العباس إنَّ سبيلَكمْ ... في قتلِ أعبُدكُمْ طريقٌ مَهْيَعُ
رَقَّعتمُ دُنياكمُ فتمزَّقَتْ ... بكُم الحياةُ تمزُّقًا لا يُرقَعُ
وقال بعض البغداديين:
إنّي أراكَ من الفِراقِ جزوعَا ... أضحى الإِمامُ مسَيَّرًا مخلوعا