للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسد بن مرزبان، فشحنوا الشارع النافذ إلى درب الرقيق، ووكّلوا بباب درب سليمان بن أبي جعفر جماعة، ثم مضوْا يريدون الجسر في شارع الحدّادين، فوجّه إليهم ابن طاهر عِدّة من قوّاده فيهم الحسين بن إسماعيل والعباس بن قارن وعليّ بن جهشيار وعبد الله بن الأفشين في جماعة من الفرسان، فناظروهم ودفعوهم دفعًا رفيقًا، وحمل عليهم الجند والشاكريّة حملة جرحوا فيها جماعة من قوّاد ابن طاهر، وأخذوا دابة ابن فلان وابن جهشيار ورجلٍ من فرض عبيد الله بن يحيى من الشأميين يقال له سعد الضبابيّ، وجرحوا المعروف بأبي السنا، ودفعوهم عن الجسر حتى صيّروهم إلى باب عمرو بن مسعدة.

فلما رأى الذين بالجانب الشرقيّ منهم أنّ أصحابهم قد أزالوا أصحابَ ابن طاهر عن الجِسْر كبّروا، وحملوا يريدون العبور إلى أصحابهم؛ وكان ابن طاهر قد أعدّ سفينة فيها شوك وقصب ليُضرِم فيها النار، ويرسلها إلى الجسر الأعلى؛ ففعل ذلك، فأحرقت عامة سفنه وقطعته؛ وصارت إلى الآخر، فأدركها أهلُ الجانب الغربيّ، ففرّقوها وأطفؤوا النار التي تعلّقت بسفن الجسر، وعبر من الجانب الشرقيّ إلى الجانب الغربيّ خلْق كثير، ودفعوا أصحاب ابن طاهر عن ساباط عمرو بن مسعدة، وصاروا إلى باب ابن طاهر، وصار الشاكريَّة والجند إلى ساباط عمرو بن مسعدة، وقُتِل من الفريقين إلى الظهر نحو من عشرة نفر، وصار جماعة من الغوغاء والعامة إلى المجلس الذي يعرَف بمجلس الشرْطة في الجسر من الجانب الغربيّ إلى بيت يقال له بيت الرفوع، فكسروا الباب، وانتهبوا ما فيه؛ وكان فيه أصناف من المتاع، فاقتتلوا عليه فلم يتركوا فيه شيئًا، وكان كثيرًا جليلًا، وأحرق ابنُ طاهر الجسرين لمّا رأى الجند قد ظهروا على أصحابه، وأمر بالحوانيت التي على باب الجسر التي تتصل بدرب سليمان أن تحرَق يمنة ويسرة، ففعل فاحترق فيها للتجار متاع كثير، وتهدّم حيطان مجلس صاحب الشرطة؛ فلمّا ضُربت الحوانيت بالنار حالت النار بين الفريقين، وكبّرت الجند عند ذلك تكبيرة شديدة؛ ثم انصرفوا إلى معسكرهم بباب حرب، وصار الحسين بن إسماعيل مع جماعة من القوّاد والشاكرية إلى باب الشأم، فوقَف على التّجار والعامة فوبّخهم على معونتهم الجندَ، وقال: هؤلاء قاتلوا على خبزهم وهم معذُورون؛ وأنتم جيران الأمير ومَنْ يجب عليه نُصرته، فلِمَ فعلتم

<<  <  ج: ص:  >  >>