رماحُهم، يسيرون في أثر الكلب، فلما رأى عليّ بن الحسين أن يعقوب قد قطع عاقة الكُرّ إليه وإلى أصحابه، انتقض عليه تدبيرُه، وتحيّر في أمره؛ ولم يلبث أصحاب يعقوب إلَّا أيسر ذلك حتى خرجوا من الكُرّ من وراء أصحاب عليّ بن الحسين؛ فلم يكن بأسرع من أن خرج أوائلهم منه حتى هرب أصحاب عليّ يطلبون مدينة شيراز، لأنهم كانوا يصيرون إذا خرج أصحاب يعقوب من الكرّ بين جيش يعقوب وبين الكُرّ، ولا يجدون ملجأ إن هُزموا، وانهزم عليّ بن الحسين بانهزام أصحابه؛ وقد خرج أصحاب يعقوب من الكُرّ، فكبتْ به دابته، فسقط إلى الأرض ولحقه بعض السِّجْزيّة فهمَّ عليه بسيفه ليضرَبه؛ فبلغ إليه خادم له، فقال: الأمير. فنزل إليه السجزيّ، فوضع في عنقه عمامته، ثم جرّه إلى يعقوب، فلما أتى به أمر بتقييده، وأمر بما كان في عسكره من آلة الحرب من السلاح والكُراع وغير ذلك، فجُمع إليه، ثم أقام بموضعه حتى أمسى، وهجم عليه القيل، ثم رحل من موضعه، ودخل مدينة شِيراز ليلًا وأصحابه يضربون بالطّبول، فلم يتحرّك في المدينة أحد، فلمّا أصبح أنهب أصحابه دار عليّ بن الحسين ودور أصحابه؛ ثم نظر إلى ما اجتمع في بيت المال من مال الخرَاج والضِّياع، فاحتمله ووضع الخراج، فجباه، ثم شخص منها متوجِّهًا إلى سِجِستان، وحمل معه ابن قريش ومَنْ أسِرْ معه.
* * *
وفيها وجّه يعقوب بن الليث إلى المعتزّ بدوابّ وبُزاة ومِسْك هديّةً.
وفيها وليَ سليمان بن طاهر شرطة بغداد والسواد، وذلك لست خلون من شهر ربيع الآخر، وكانت موافاته سامُرّا من خُراسان - فيما ذكر - يوم الخميس لثمان خَلْون من شهر ربيع الأوّل، وصار إلى الإيتاخية، ثم دخل على المعتزّ يوم السبت، فخلع عليه وانصرف.
وفيها كانت وقعة بين مساور الشاري ويارجوخ، فهزمه الشاري وانصرف إلى سامُرّا مفلولًا.