للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب موسى إلى مفلح يأمره بالانصراف إليها وهو بالرّيّ، فحدّثني بعض أصحابنا من أهل طَبرستان، أنّ كتاب موسى ورد على مُفلح بذلك، وقد توجّه نحو أرض الدّيْلم في طلب الحسن بن زيد الطالبيّ، فلما ورد عليه الكتابُ انصرف راجعًا إلى حيث توجه منه، فعظم ذلك على قوم كانوا معه من رؤساء أهل طَبَرِستان ممن كان هاربًا قبل مقدم مُفلح عليهم من الحسن بن زيد، لِمَا كانوا قد رجوْا من مقدمه عليهم وكفايتهم أمرَ الحسن بن زيد والرجوع إلى منازلهم وأوطانهم، وذلك أنّ مفلحًا كان يعدُهم اتّباع الحسن بن زيد حيث توجّه حتى يظفر به أو يُخترَم دونه، ويقول لهم - فيما ذكر لي -: لو رميتُ قلنسوتي في أرض الدّيلم ما اجترأ أحد منهم أن يدنُوَ منها، فلما رأى القوم انصرافهَ عن الوجه الذي توجّه له من غير عسكر للحسن بن زيد ولا أحد من الديلم صدّه، سألوه - فيما ذكر لي - عن السبب الذي صَرَفه عما كان يعدُهم به من اتّباع ابن زيد، وجعلوا يكلمونه - فيما أخبرت - وهو كالمسبوت لا يجيبهم بشيء؛ فلما أكثروا عليه قال لهم: ورد عليّ كتاب الأمير موسى بعزمة منه ألّا أضع كتابه من يدي بعد ما يصل إلي حتى أقبِلَ إليه.

وأنا مغموم بأمركم؛ ولكن لا سبيل إلى مخالفة الأمير، فلم يتهيّأ الموسى الشخوص من الرّيّ إلى سامرّا حتى وافاه الكتاب بهلاك المعتزّ وقيام المهتدي بعده بالأمر، ففثأه ذلك عمّا كان عزم عليه من الشخوص، لفوته ما قدَّر إدراكه من أمر المعتزّ.

ولمّا وردتْ عليه بيعة المهتدي، امتنع أصحابه عليه من بيعته، ثم بايعوا فورد خبر بيعتهم سامُرّا لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان من هذه السنة.

ثم إنّ المواليَ الذين في عسكر موسى بلغهم ما استخرج صالح بن وصيف من أموال الكتّاب وأسباب المعتزّ والمتوكل، فشحُّوا بذلك على المقيمين بسامُرّا؛ فدعوا موسى إلى الانصراف بهم إلى سامُرّا.

وقدم مفلح على موسى بالرّيّ تاركًا طبرستان على الحسن بن زيد، فذكر عن القاشانيّ أنه قال: كتب إليّ ابن أخي من الرّيّ يذكر أنه لقي مفلحًا بالرّيّ، فسأله عن سبب انصرافه فذكر أن الموالي قد أبوا أن يقيموا، وأنهم إذا انصرفوا لم يُغنِ مقامه شيئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>