للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدّة مَنْ كان معه، فقال: إن الزّينبيّ قد أعدّ لك الخوَل والمطّوعة والبلالية والسعدية؛ وهم خلق كثير، وهو على لقائك بهم ببَيَان، فقال له: اِخفض صوتَك، لئلا يرتاع الغلمان بخبرك، وسأله عن الذي يقود هذا الجيش، فقال: قد نُدِب لذلك المعروف بأبي منصور، وهو أحد موالي الهاشميين، قال له: أفرأيتَ جمعَهم؟ قال: نعم؛ وقد أعدُّوا الشُّرُط لكتف من ظفروا به من السودان، فأمره بالانصراف إلى الموضع الذي يكون فيه مُقامه، فانصرف سيران إلىِ عليّ بن أبان ومحمد بن سلم ويحيى بن محمد، فجعل يحدّثهم إلى أن أسْفر الصبح، ثم سار صاحب الزَّنج إلى أن أشرف عليهم، فلما انتهى إلى مؤخَّر تُرْسَى وبرسونا وسندادان بَيَان، عرض له قوم يريدون قتاله، فأمر عليّ بن أبان فأتاهم فهزمهم، وكان معهم مئة أسود، فظفر بهم، قال ريحان: فسمعته يقول لأصحابه: من أمارات تمام أمركم ما تروْن من إتيان هؤلاء القوم بعبيدهم فيسلِّمونهم إليكم، فيزيد الله في عددكم ثم سار حتى صار إلى بَيَان.

قال ريحان: فوجّهني وجماعة من أصحابه إلى الحجر لطلب الكاروان وعسكرهم في طرف النخل في الجانب الغربيّ من بيان، فتوجّهنا إلى الموضع الذي أمرنا بالمصير إليه، فألفينا هناك ألفًا وتسعمئة سفينة، ومعها قوم من المطوّعة قد احتبسوها، فلما رأوْنا خلَّوْا عن السفن، وعبروا سُلبان عَرايا ماضين نحو جُوبك، وسقْنا السفن حتى وافيناه بها، فلما أتيناه بها أمر فبُسِط له على نشز من الأرض وقعد، وكان في السفن قوم حجّاج أرادوا سلوك طريق البصرة؛ فناظرهم بقيّة يومه إلى وقت غروب الشمس، فجعلوا يصدقونه في جميع قوله، وقالوا: لو كان معنا فضل نفقة لأقمنا معك، فردّهم إلى سفُنهم؛ فلما أصبحوا أخرجهم، فأحلفهم ألّا يخبروا أحدًا بعدّة أصحابه، وأن يقللوا أمره عند من سألهم عنه، وعرضوا عليه بساطًا كان معهم، فأبدله ببساط كان معه، واستحلفهم أنه لا مال للسلطان معهم ولا تجارة، فقالوا: معنا رجل من أصحاب السلطان، فأمر بإحضاره، فأحضر، فحلف الرَّجل أنه ليس من أصحاب السلطان، وأنه رجل معه نُقْل أراد به البصرة، فأحضر صاحب السفينة التي وُجد فيها، فحلف له أنه إنما اتّجر فيه، فحمله فخلى سبيله، وأطلق الحجاج فذهبوا، وشرع أهل سليمانان على بيان بإزائه في شرقيّ النهر؛ فكلمهم أصحابُه

<<  <  ج: ص:  >  >>