للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان فيهم حسين الصيدنانيّ الذي كان صحبه بالبصرة؛ وهو أحد الأربعة الذين ظهروا بمسجد عبّاد، فلحق به يومئذ؛ فقال له: لِمَ أبطأتَ عني إلى هذه الغاية؟ قال: كنتُ مختفيًا، فلما خوج هذا الجيش دخلتُ في سواده، قال: فأخبِرْني عن هذا الجيش، ما هم؟ وما عدّة أصحابه؟ قال: خوج من الخَوَل بحضرتي ألف ومئتا مقاتل، ومن أصحاب الزينبيّ ألف، ومن البلاليّةِ والسعديّة زهاء ألفين، والفرسان مائتا فارس، ولما صاروا بالأبُلّة وقع بينهم وبين أهلها اختلاف؛ حتى تلاعنوا، وشتم الخَوَلُ محمد بن أبي عون، وخلفتُهم بشاطئ عثمان وأحسبهم مصبّحيك في غد، قال: فكيف يريدون أن يفعلوا إذا أتونا؟ قال: هم على إدخال من سندادان بَيان، ويأتيك رجَّالتهم من جنبي النهر.

فلما أصبح وجّه طليعةً ليعرف الخبر، واختاره شيخًا ضعيفًا زمِنًا لئلا يُعرض له؛ فلم يرجع إليه طليعتُه، فلمّا أبطأ عنه وجّه فتحًا الحجام ومعه ثلاثمائة رجل، ووجّه يحيى بن محمد سندادان، وأمره أن يخرج في سو بَيَان، فجاءه فَتْح فأخبره أن القوم مقبلون إليه في جمع كثير، وأنهم قد أخذُوا جنبي النَّهر؛ فسأل عن المدّ، فقيل: لم يأتِ بعدُ، فقال: لم تدخل خيلُهم بعد، وأمر محمد بن سَلْم وعليّ بن أبان أن يقعدوا لهم في النخل، وقعد هو على جَبل مشرف عليهم؛ فلم يلبث أن طلعت الأعلام والرّجال حتى صاروا إلى الأرض المعروفة بأبي العلاء البلخيّ؛ وهي عطفة على دُبَيران؛ فأمر الزّنج فكبَّروا ثم حملوا عليهم فوافوا بهم دبيران، ثم حمل الْخَوَل يقدُمهم أبو العباس بن أيمن المعروف بأبي الكباش وبشير القيسيّ، فتراجع الزَّنج حتى بلغوا الجبل الذي هو عليه، ثم رجعوا عليهم؛ فثبتوا لهم، وحمل أبو الكباش على فَتْح الحجام فقتله، وأدرك غلامًا يقال له دينار من السودان فضربَه ضربات، ثم حمل السودان عليهم، فوافَوْا بهم شاطئ بيان، وأخذتهم السيوف.

قال ريحان: فعهدِي بمحمد بن سلم وقد ضرب أبا الكباش، فألقى نفسه في الطين، فلحقه بعضُ الزّنج، فاحتزّ رأسه، وأما عليّ بن أبان؛ فإنّه كان ينتحل قتل أبي الكباش وبشير القيسيّ، وكان يتحدّث عن ذلك اليوم فيقول: كان أوّل مَنْ لقيني بشير القيسيّ، فضربني وضربتُه، فوقعتْ ضربته في تُرسي، ووقعت ضربتي في صدره وبطنه؛ فانتظمتْ جوانح صدره، وفريتُ بطنَه، وسقط

<<  <  ج: ص:  >  >>