فأتيته، فاحتززتُ رأسه، ولقيني أبو الكباش، فشُغِل بي، وأتاه بعضُ السودان من ورائه فضربه بعصًا كانت في يده على ساقيه؛ فكسرهما فسقط، فأتيتُه ولا امتناع به، فقتلته واحتززتُ رأسه؛ فأتيت بالرأسين صاحب الزَّنج.
قال محمد بن الحسن بن سهل؛ سمعت صاحبَ الزّنج يخبر أن عليًّا أَتاه برأس أبي الكباش ورأس بشير القيسيّ - قال: ولا أعرفهما - فقال: كان هذان يقدمان القوم، فقتلتهما فانهزم أصحابهما لمّا رأوا مصرعهما.
قال ريحان - فيما ذكر عنه: وانهزم الناص فذهبوا كلّ مذهب، واتّبعهم السودان إلى نهر بَيَان، وقد جَزَر النهر، فلما وافوْه انغمسوا في الوحْل، فقتِل أكثرهم، قال: وجعل السودان يمرّون بصاحِبِهم دينار الأسود الذي كان أبو الكباش ضربه، وهو جريح ملقىً فيحسبونه من الخوَل فيضربونه بالمناجل حتى أثخِن، ومرّ به من عرفه، فحمل إلى صاحب الزّنج، فأمر بمداواة كلومِه.
قال ريحان: فلما صار القوم إلى فُوّهة نهر بيان، وغرق مَنْ غرق، وأخذت السفن التي كانت فيها الدوابّ، إذا ملوّح يلوّح من سفينة، فأتيناه فقال: ادخلوا النهر المعروف بشريكان، فإنّ لهم كمينًا هناك، فدخل يحيى بن محمد وعليّ بن أبان، فأخذ يحيى في غربيّ النهر، وسلك عليّ بن أبان في شرقيّة؛ فإذا كمين في زهاء ألف من المغاربة، ومعهم حسين الصَّيْدانيّ أسيرًا قال: فلمّا رأوْنا شدّوا على الحسين؛ فقطّعوه قطعًا، ثم أقبلوا إلينا، ومدّوا رماحَهم، فقاتلوا إلى صلاة الظهر، ثم أكبّ السودان عليهم فقتلوهم أجمعين، وحَووْا سلاحهم؛ ورجع السودان إلى عسكرهم؛ فوجدوا صاحبهم قاعدًا على شاطئ بيان، وقد أتِيَ بنيّف وثلاثين عَلَمًا وزهاء ألف رأس، فيها رؤوس أنجاد الخَوَل وأبطالهم؛ ولم يلبث أن أتوْه بزهير يومئذ.
قال ريحان: فلم أعرفه، فأتى يحيى وهو بين يديْه، فعرفه فقال في: هذا زهير الخَوَل؛ فما استبقاؤك إياه! فأمر به فضُربت عنقه، وأقام صاحب الزنج يومه وليلته، فلما أصبح وجّه طليعة إلى شاطئ دجْلة، فأتاه طليعته، فأعلمه أن بدجلة شَذَاتَين لاصقتين بالجزيرة، والجزيرة يومئذ على فُوّهة القَنْدَل، فردّ الطليعة بعد العصر إلى دجلة ليعرف الخبر؛ فلمّا كان وقت المغرب أتاه المعروف بأبي العباس خال ابنه الأكبر، ومعه رجل من الجند يقال له عمران، وهو زَوْج أم