الموضع الذي فيه مجمع أصحابي؛ وكانوا قد تحيَّروا لفقدي؛ فلما رأوْني سكنوا إلى رؤيتي.
قال ريحان: فرجع بأصحابه إلى موضع يعرف بالمعلّى في غربيّ نهر شيطان، فنزل به، وسأل عن الرّجال؛ فإذا قد هرب كثير منهم، ونظر فإذا هو من جميع أصحابه في مقدار خمسمئة رجل، فأمر بالنفخ في البوق الذي كانوا يجتمعون لصوته، فلم يرجع إليه أحد، وبات ليلته، فلما كان في بعض الليل جاء الملقب بجُرْبان، وقد كان هرب فيمن هرب، ومعه ثلاثون غلامًا فسأله: أين كانت غيبته؟ فقال: ذهبت إلى الزّوارقة طليعةً.
قال ريحان: ووجّهني لأتعرّف له مَنْ في قنطرة نهر حَرْب، فلم أجد هناك أحدًا، وقد كان أهل البصرة انتهبُوا السفن التي كانت معه، وأخذوا الدوابّ التي كانت فيها في هذا اليوم، وظفروا بمتاع من متاعه، وكتب من كتبه، وإصطرلابات كانت معه؛ فلما أصبح من غد هذا اليوم نظر في عدة أصحابه، فإذا هم ألف رجل قد كانوا ثابوا إليه في ليلتهم تلك.
قال ريحان: فكان فيمن هرب شبل، وكان ناصح الرّمليّ ينكر هرب شبل، قال ريحان: فرجع شبل من غد، ومعه عشرة غلمان، فلامه وعنّفه وسأل عن غلام كان يقال له نادر يكنى بأبي نعجة، وعن عنبر البربريّ؛ فأخبر أنهما هربا فيمن هرب، فأقام في موضعه، وأمر محمد بن سلم أن يصير إلى قنطرة نهر كَثير، فيعظ الناس ويُعلمهم ما الذي دعاه إلى الخروج، فصار محمد بن سلم وسليمان بن جامع ويحيى بن محمد، فوقف سليمان ويحيى، وعبر محمد بن سلِم حتى توسَّط أهل البصرة، وجعل يكلِّمهم، ورأوْا منه غِرّة فانطووا عليه؛ فقتلوه.
قال الفضل بن عديّ: عَبَر محمد بن سلم إلى أهل البصرة ليعظهم وهم مجتمعون في أرض تعرف بالفَضْل بن ميمون؛ فكان أوّل من بدر إليه وضربه بالسيف فتحٌ غلام أبي شيث، وأتاه ابن التّومنيّ السعديّ، فاحتزّ رأسه، فرجع سليمان ويحيى إليه، فأخبراه الخبر، فأمرهما بطيِّ ذلك عن الناس حتى يكون هو الذي يقوله لهم، فلمّا صلى العصر نعى محمد بن سلم لأصحابه، وعرف خبره من لم يكن عرفه، فقال لهم: إنكم تقتلون به في غد عشرة آلاف من أهل البصرة، ووجّه زُريقًا وغلامًا له يقال له: سقلبتويا، وأمرهما بمنع الناس من