للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحمر؛ وكان ذلك يومًا جلس فيه المهتدي للناس للمظالم؛ فكان ممن أحضره في ذلك اليوم بسبب المظالم أحمد بن المتوكل بن فِتيان؛ فكان في الدار إلى أن دخل الموالي، فحملوا المهتدي إلى دار ياجور، واتّبعه أحمد بن المتوكِّل إلى ما هناك، فلم يزل موكّلًا به في مضرب مفلح إلى أن انقطع الأمر، ورُدَّ المهتدي إلى الجوسق، ثم أطلق، وكان القيّم يأمر دار الخلافة بايكباك، فصيّرها إلى ساتكين قبل ذلك بأيام، فظنّ الناس أنه إنما فعل ذلك لثقتِه بساتكين، وأنه على أن يغلب على الدار والخليفة وقت قدوم موسى، فلما كان في ذلك اليوم لزم منزله، وترك الدار خالية، وصار موسى في جيشه إلى الدار، والمهتدي جالس للمظالم؛ فأعلم بمكانه، فأمسك ساعة عن الإذن، ثم أذن لهم، فدخلوا فجرى من الكلام نحوُ ما جرى يوم قَدِم الوفد والرسل، فلمّا طال الكلام تراطنوا فيما بينهم بالتركيّة، وأقاموه من مجلسه، وحملوه على دابة من دواب الشاكريّة، وانتهبوا ما كان في الجوْسق من دوابّ الخاصة، ومضوْا يريدون الكرخ، فلما صاروا عند باب الحيْر في القطائع عند دار ياجور أدخلوه دار ياجور.

فذُكِر عن بعضِ الموالي ممن حضرهم ذلك اليوم، أنّ سبب أخذهم المهتدي ذلك اليوم كان أنّ بعضهم قال لبعض: إن هذه المطاولة إنما هي حيلة عليكم حتى يكبسكُمْ صالح بن وصيف بجيشه، فخافوا ذلك، فحملوه وذهبوا به إلى الموضع الآخر؛ فذُكِر عمّن سمع المهتدي يقول لموسى: ما تريد ويحك! اتّق الله وخَفْه؛ فإنك تركب أمرًا عظيمًا، قال: فردّ عليه موسى: إنا ما نريد إلا خيرًا، ولا وتربة المتوكل لا نالك مناشرٌّ البتة.

قال الذي ذكر ذلك: فقلت في نفسي: لو أراد خيرًا لحلف بتربة المعتصم أو الواثق.

ولما صاروا به إلى دار ياجور أخذوا عليه العهود والمواثيق ألا يمايل صالحًا عليهم، ولا يضمر لهم إلا مثل ما يظهر؛ ففعل ذلك، فجدّدوا له البيعة ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرّم، وأصبحوا يوم الثلاثاء، فوجّهوا إلى صالح أن يحضرهم للمناظرة، فوعدهم أن يصير إليهم.

فذكر عن بعض رؤساء الفراغنة، أنه قيل له: ما الذي تطالبون به صالح بن وصيف؟ فقال: دماء الكتّاب وأموالهم ودم المعتزّ وأمواله وأسبابه. ثم أقبل القوم

<<  <  ج: ص:  >  >>