وقد ذكر عن بعض من تخيّر أمرهم؛ أنّ أكثر مَنْ كان راكبًا مع موسى كان هواه مع صالح، ولم يكن للكرخيين والدّوريِّين في هذا اليوم حركة؛ فلمّا وصل القوم إلى الجوسق كان أوّل ما ظهر منهم النداء بأن مَنْ لم يحضر دار أمير المؤمنين في غداة يوم الأحد من قُوّاد صالح وأهله وغلمانه وأصحابه أسقِط اسمه، وخُرّب منزله، وضرب وقُيِّد وحُذّر إلى المطبَق؛ ومن وُجد بعد ثالثة من هذه الطبقة ظاهرًا بعد استتار، فقد حلّ به مثل ذلك، ومن أخذ دابّة لعاميّ أو تعرّض له في طريق؛ فقد حلّت به العقوبة المُوجعة.
وبات الناس ليلة الأحد لثمان خلون من صَفَر على ذلك؛ فلما كان غداة يوم الإثنين انتهى إلى المهتدي أن مساورًا الشاري صار إلى بَلَد، فقتل بها وحرّق، فنادى في مجلسه بالنفير، وأمر موسى ومفلحًا وبايكباك بالخروج، وأخرج موسى مضاربه؛ فلمّا كان يوم الأربعاء لإحدى عشرة مَضت من صَفر بطل أمر موسى ومحمد بن بغا ومُفْلح في الخروج، وقالوا: لا يبرح أحدٌ منا حتى ينقطع أمرنا وأمر صالح؛ وهم مجمعون على ذلك، يخافون من صالح أن يخلفهم بمكروه.
وذكر عن بعض الموالي أنه قال: رأيت بعض بني وصيف - وهو الذي كان جمع تلك الجموع - يلعب مع موسى وبايكباك بالصوالجة في ميدان بغا الصغير يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من صفر، ثم جدّ هؤلاء في طلب صالح بن وصيف، فهُجم بسببه على جماعة ممن كان متصلًا به قبل ذلك، وممّن اتهموه أنه آواه، منهم إبراهيم بن سعدان النحويّ وإبراهيم الطالبيّ وهارون بن عبد الرحمن بن الأزهر الشيعي وأبو الأحوص بن أحمد بن سعيد بن سلْم بن قُتيبة وأبو بكر خَتَن أبي حَرْملة الحجّام وشارية المغنية والسرخسيّ صاحب شُرطة الخاصة وجماعة غيرهم.
فذُكر عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مصعب بن زريق، قال: حدّثني صاحب رُبع القبّة - وهو ربع تلقاء دار صالح بن وصيف - قال: بينا نحن قعود يوم الأحد، إذا غلام قد خرج من زُقاق، وأراه مذعورًا، فأنكرناه، فأردنا مسألتَه عن شأنه؛ ففاتنا؛ فلم نلبث أن أقبل عَيَّار من موالي صالح بن وصيف يعرف بروزبة، ومعه ثلاثة نفر أو أربعة، فدخلوا الزّقاق، فأنكرناهم، فلم يلبثوا أن