للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساعة ثم نُحّي، وفُعِل به ذلك ثلاثة أيام تتابعًا، وأخرِج رأس بغا الصغير في وقت صلب رأس صالح يوم الإثنين، فدُفع إلى أهله ليدفنوه.

فذكر عن بعض الموالي أنه قال: رأيت مفلحًا وقد نظر إلى رأس بغا، فبكى وقال: قتلني الله إن لم أقتل قاتلَك؛ فلمّا كان يوم الخميس لأربع بَقين من صفر، وجّه موسى بالرأس إلى أمّ الفضل ابنة وَصيف، وهي امرأة النوشريّ، وكانت قبله عند سَلمة بن خاقان.

فذُكِر عن بعض بني هاشم أنه قال: هَنَّأتُ موسى بن بغا بقتل صالح فقال: كان عدوّ أمير المؤمنين استحقّ القتل، قال: وهنّأتُ بايكباك بذلك؛ فقال: مالي أنا وهذا! إنما كان صالح أخِي، فقال السَّلوليّ لموسى إذ قتل صالح بن وصيف:

وَنِلْتَ وترَكَ من فرعون حينَ طَغَى ... وجئتَ إذْ جئتَ يا مُوسى على قَدرِ

ثلاثةٌ كُلُّهُم باغٍ أَخو حَسَدٍ ... يَرمِيكَ بالظّلم والعُدْوانِ عن وَتَرِ

وصيفُ بالكرْخِ ممثُولٌ به وبُغا ... بالجسْرِ محتَرِقٌ بالجمر والشَّررِ

وصالحْ بن وصيفٍ بَعدُ مُنعَفِرٌ ... في الحيْرِ جيفَتُه والرُّوحُ في سقَرِ

* * *

وفي مستهلّ جُمادى الأولى من هذه السنة رحل موسى بن بغا وبايكباك إلى مساور، وشيّعهم محمد بن الواثق.

وفي جمادى الأولى أيضًا منها التقى مُساور بن عبد الحميد وعُبيدة العُمروسيّ الشاري بالكُحَيل، وكانا مختلفي الآراء، فظفر مساور بعبيدة فقتله.

وفي هذا الشهر من هذه السنة التقَى مساور الشاري ومفلح، فحُدّثت عن مساور، أنه انصرف من الكُحَيل بعد قتله العمروسيّ، وقد كُلِم كثير من أصحابه فلم تندمل كُلُومهم، ولغِبوا من الحرب التي كانت جرت بين الفريقين إلى عسكر موسى ومن ضمّه ذلك العسكر وهم حامون، فأوقع بهم؛ فلما لم يصل إلى ما أراد منهم من الظفر بهم، وكان التقاؤهم بجبل زيني تعلق هو وأصحابه بالجبل فصاروا إلى ذِرْوته، ثم أوقدوا النيران، وركزوا رماحهم، وعسكر موسى بسفح الجبل ثم هبط مساور وأصحابه من الجبل، من غير الوجه الذي عسكر به موسى، فمضى موسى وأصحابه يحسبون أنهم فوق الجبل ففاتوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>