القول، ولا يرجعوا عنه، وأن يقاتلوا مَنْ قاتلهم فيه، وينصحوا لأمير المؤمنين ويوالُوه، فأجابوه إلى ذلك، فأخذِت عليهم أيمان البيعة، فبايع في ذلك اليوم زُهاء ألف رجل وعيسى بن فرّخا نشاه الذي تجري على يده الأمور، ومقامه مقام الوزير، ثم كتبوا إلى أبي نصر كتابًا عن أنفسهم؛ كتبه لهم عيسى بن فرّخانشاه، يذكرون فيه إنكارهم خروجَه من الدار عن غير سبب، وأنهم إنما قصدوا أميرَ المؤمنين ليشكوا إليه حاجتَهم، وأنهم لما وجدوا الدار فارغة أقاموا فيها، وأنهم إذا عاد ردّوه إلى حاله، ولم يهيّجوه، وكتب عيسى عن الخليفة بمثل ذلك إليه، فأقبل من المحمّدية بين العصر والعشاء، فدخل الدار، ومعه أخوه حَبْشون وكيغلغ وبكالبا وجماعة منهم، فقام الموالي في وجوههم معهم السلاح، وقعد المهتدي، فوصل إليه أبو نصر ومَنْ معه، فسلّم عليه، ودنا فقبل يد المهتدي ورجلَه والبساط، وتأخّر فخاطبه المهتدي بأن قال له: يا محمد، ما عندك فيما يقول الموالي؟ قال: وما يقولون؟ قال: يذكرون أنكم احتجبتم الأموال، واستبددتم بالأعمال، فما تنظرون في شيء من أمورهم، ولا فيما عاد لمصلحتهم، فقال محمد: يا أميرَ المؤمنين؛ وما أنا والأموال! ما كنتُ كاتبَ ديوان، ولا جرتْ على يدي أعمال. فقال له: فأين هي الأموال؟ وهل هي إلا عندك وعند أخيك، وكتّابكم وأصحابكم! ودنا الموالي، فتقدّم عبد الله بن تكين وجماعة منهم، فأخذوا بيد أبي نصر وقالوا: هذا عدوّ أمير المؤمنين، يقوم بين يديه بسيفٍ، فأخذوا سيفَه، ودخل غلام لأبي نصر كان حاضرًا يقال له ثيتل، فسلّ سيفه، وخطا ليمنعهم من أبي نصر، وكانت خطوته تلي الخليفة، فسبقه عبد الله بن تكين، فضرب رأسه بالسيف، فما بَقيَ في الدار أحدٌ إلا سلَّ سيفه، وقام المهتدي، فدخل بيتًا كان بقربه، وأخذ محمد بنُ بغا، فأدخِل حجرة في الدار، وحُبس أصحابه الباقون، وأراد القوم قتلَ الغلام فمنعهم المهتدي، وقال: إنّ لي في هذا نظرًا ثم أمر فأعطِيَ قميصًا من الخزانة، وأمر بغسل رأسه من الدّم، وحُبِس.
فأصبح الناس يوم الأربعاء وقد كثرُوا، والبيعة تؤخذ، ثمّ أمر عبد الله بن الواثق بالخروج إلى الرفيف في ألف رجل من الشاكرية والفراغنة وغيرهم؛ وكان ممن أمر بالخروج من قوّاد خراسان محمد بن يحيى الواثقيّ وعتاب بن عتاب