للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر عن محمد بن عيسى القرشيّ، أنه قال: لما صار المهتدي في أيديهم أبى أن يخلع نفسَه، فخلعوا أصابع يديْه ورجليْه من كفيه وقدميه، حتى ورمت كفاه وقدماه، وفعلوا به غير شيء حتى مات.

وقد ذكر في سبب قتل أبي نصر محمد بن بغا أنه كان خرج من سامرّا يريد أخاه موسى، فوجّه إليه المهتدي أخاه عبد الله في جماعة من المغاربة والفراغنة، فلحقوه بالرّفيف، فجيء به فحبِس وكان قد دخل على المهتدي مسلِّمًا قبل خلافهم، فقال له: يا محمد، إنما قدم أخوك موسى في جيشه وعبيده حتى يقتل صالح بن وصيف وينصرف، قال: يا أميرَ المؤمنين؛ أعيذك بالله؛ موسى عبدُك وفي طاعتك؛ وهو مع هذا في وجه عدوّ كلِب، قال: قد كان صالحٌ أنفَع لنا منه، وأحسنَ سياسة للملك، وهذا العَلَويّ قد رجع إلى الرَّيّ، قال: وما حيلته يا أمير المؤمنين؟ قد هزمه وقتل أصحابه وشرّد به كلّ مشرّد، فلما انصرف عاد، وهذا فعله أبدًا؛ اللهمّ إلا أن تأمره بالمقام بالرّيّ دهرَه، قال: دع هذا عنك، فإنّ أخاك ما صنع شيئًا أكثر من أخذ الأموال واحتجانها (١) لنفسه، فأغلظ له أبو نصر، وقال: يُنظر فيما صار إليه وإلى أهل بيته منذ وليتَ الخلافة فيردّ، ويُنْظَر ما صار إليك وإلى إخوتك فيردّ فأمر به فأخِذ وضُرِب وحُبِس، وانتُهِبت داره ودار ابن ثوابة، ثم أباح دم الحسن بن مَخْلَد وابن ثوابة وسليمان بن وهب القطان كاتب مُفلح، فهربوا فانتهِبت دورهم، ثم جاء المهتدي بالفراغنة والأشروسنية والطبرية والديالمة والإشتاخنيّة ومَنْ بقي من أتراك الكرخ وولد وصيف، فسألهم النصرة على موسى ومفلح، وضرب بينهم، وقال: قد أخذوا الأموال واستأثروا بالفيء، وأنا أخاف أن يقتلوني، وإن نصرتموني أعطيتكُم جميعَ ما فاتكم، وزدتكم في أرزاقكم، فأجابوه إلى نصره والخلاف على موسى وأصحابه، ولزموا الجَوْسق وبايعوه بيعة جديدة وأمر بالسويق والسكر فاشتُرِي لهم، وأجرَى على كلّ رجل منهم في كلّ يوم درهمين، وأطعِموا في بعض أيامهم الخبز واللحم، وتولى أمرَ جيشه أحمد بن وصيف وعبد الله بن بُغا الشرابيّ والتفتْ، معهم بنو هاشم، وجعل يركب في بني هاشم، ويدور في الأسواق، ويسأل


(١) قال في المعجم: احتجن المال: جمعه، واحتواه، واختصَّ نفسه به.

<<  <  ج: ص:  >  >>