بالخيزُرانيّة، وشغل منصور بن جعفر عن بَذْرَقة القيْروانات إلى البصرة، فعاد حال أهل البصرة إلى ما كانت عليه من الضيق، وألحّ أصحاب الخبيث على أهل البصرة بالحرب صباحًا ومساء.
فلما كان في شوال من هذه السنة أزمع الخبيث على جَمْع أصحابه للهجوم على أهل البصرة، والجدّ في خرابها، وذلك لعلمه بضعف أهلها وتفرّقهم، وإضرار الحصار بهم، وخراب ما حولها من القرى؛ وكان قد نظر في حساب النجوم، ووقف على انكساف القمر ليلة الثلاثاء لأربع عشرة ليلة تخلُو من الشهر.
فذكر عن محمد بن الحسن بن سهل أنه قال: سمعتُه يقول: اجتهدتُ في الدعاء على أهل البصرة، وابتهلت إلى الله في تعجيل خَرابها، فخوطبتُ، فقيل لي: إنما البصرة خُبْزةٌ لك تأكلها من جوانبها؛ فإذا انكسر نصْفُ الرغيف خربت البصرة؛ فأوّلْتُ انكسار نصف الرغيف انكساف القمر المتوقَّع في هذه الأيام، وما أخلق أمر البصرة أن يكون بعده.
قال: فكان يحدّث بهذا حتى أفاض فيه أصحابه، وكثر تردده في أسماعهم وإحالته إياه بينهم.
ثم ندب محمد بن يزيد الدارميّ؛ وهو أحد مَنْ كان صحبه بالبحرين للخروج إلى الأعراب، وأنفذه فأتاه منهم خَلْق كثير، فأناخوا بالقنْدل، ووجّه إليهم الخبيث سليمان بن موسى الشعرانيّ، وأمرهم بتطرّق البصرة، والإيقاع بها، وتقدّم إلى سليمان بن موسى في تمرين الأعراب على ذلك، فلمّا وقع الكسوف أنهض عليّ بن أبان، وضمّ إليه طائفة من الأعراب، وأمره بإتيان البصرة مما يلي بني سعد، وكتب إلى يحيى بن محمد البحرانيّ - وهو يومئذ محاصر أهل البصرة - في إتيانها مما يلي نهر عديّ، وضمّ سائر الأعراب إليه، قال محمد بن الحسن: قال شبل: فكان أوّل مَنْ واقع أهل البصرة عليّ بن أبان، وبُغراج يومئذ بالبصرة في جماعة من الجُند، فأقام يقاتلهم يومين، ومال الناس نحوه.
وأقبل يحيى بمن معه مما يلي قصر أنس قاصدًا نحو الجسر، فدخل عليّ بن أبان المهلبيّ وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال، فأقام يقتل ويحرق يوم الجمعة وليلة السبت ويوم السبت، وغادى يحيى البصرة يوم