الأحد، فتلقّاه بُغراج وبُرَيْةٌ في جَمْع فردّاه، فرجع فأقام يومه ذلك، ثم غاداهم يوم الإثنين، فدخل وقد تفرّق الجند، وهرب بُريه، وانحاز بغراج بمَن معه، فلم يكن في وجهه أحدٌ يدافعه، ولقيَه إبراهيم بن يحيى المهلبيّ، فاستأمنه لأهل البصرة فآمنهم، ونادى منادي إبراهيم بن يحيى: مَنْ أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم، فحضر أهل البصرة قاطبةً حتى ملؤوا الرّحاب، فلما رأى اجتماعَهم انتهز الفرصة في ذلك منهم، فأمر بأخذ السكك والطرق والدّرُوب لئلا يتفرقوا، وغَدر بهم، وأمر أصحابه بقتلهم، فقتل كلّ مَنْ شهد ذلك المشهد إلا الشاذّ، ثم انصرف يومَه ذلك، فأقام بقصر عيسى بن جعفر بالخُرَيبة.
قال محمد: وحدّثني الفضل بن عديّ الدارميّ، قال: أنا حين وجّه الخائن لحرب أهل البصرة في حَيز أهل البصرة مُقيمٌ في بني سعد، قال: فأتانا آت في الليل؛ فذكر أنه رأى خيلًا مجتازة تؤمّ قصر عيسى بالخرَيبة، فقال لي أصحابي: اخرج فتعرّف لنا خَبَر هذه الخيل، فخرجتُ فإذا جماعة من بني تميم وبني أسد، فسألتُهم عن حالهم، فزعموا أنهم أصحاب العَلَويّ المضمومون إلى عليّ بن أبان، وأنّ عليًّا يوافِي البصرة في غدِ تلك الليلة، وأنّ قصده لناحية بني سعد، وأن يحيى بن محمد بجمعه قاصد لناحية آل المهلب. فقالوا: قل لأصحابك من بني سعد: إن كنتم تريدون تحصينَ حُرَمكم، فبادروا إخراجهم قبل إحاطة الجيش بكم.
قال الفضل: فرجعتُ إلى أصحابي، فأعلمتُهم خبرَ الأعراب فاستعدّوا، فوجهوا إلى بُريْه يعلِمونه الخبر، فوافاهم فيمن كان بقِيَ من الخَول وجماعة من الجند وقت طلوع الفجر، فساروا حتى انتهوْا إلى خندق يعرف ببني حِمَّان، ووافاهم بنو تميم ومقاتلة السعديّة، فلم يلبثوا أن طلع عليهم عليّ بن أبان في جماعة الزَّنْج والأعراب على مُتون الخيل، فذهِل بُريه قبل لقاء القوم، فرجع إلى منزله؛ فكانت هزيمةٌ، وتفرّق مَنْ كان اجتمع من بني تميم، ووافى عليّ فلم يدافعه أحدٌ، ومرّ قاصدًا إلى المِرْبد، ووجّه بُرَيه إلى بني تميم يستصرخُهم، فنهض إليه منهم جماعة، فكان القتال بالمِرْبَد بحضرة دار بُرَيْه، ثم انهزم بُريه عن داره، وتفرّق الناس لانهزامه، فأحرقت الزنج دارَه، وانتهبوا ما كان فيها، فأقام الناس يقتلون هنالك، وقد ضعُف أهلُ البصرة، وقوِي عليهم الزَّنْج،