عليّ بن أبان المهلبيّ من الإمساك عن العيْث بناحية بني سعد.
وقد كان عليّ بن أبان أوفد إلى الخبيث من بني سعد وفدًا، فصاروا إليه، فلم يجدوا عنده خيرًا، فخرجوا إلى عَبّادان، وأقام يحيى بالبصرة، فكتب إليه الخبيث يأمره بإظهار استخلاف شِبْل على البصرة ليسكن الناس، ويظهر المستخفي، ومَنْ قد عُرف بكثرة المال، فإذا ظهروا أخِذوا بالدلالة على ما دفنوا وأخفَوْا من أموالهم، ففعل ذلك يحيى؛ فكان لا يخلو في يوم من الأيام من جَماعة يُؤتى بهم، فمَنْ عُرف منهم باليسار استنظف ما عنده وقتله، ومن ظهرت له خَلّتهُ عاجله بالقتل؛ حتى لم يدع أحدًا ظهر له إلا أتى عليه، وهرب الناس على وجوههم، وصرف الخبيث جيشه عن البصرة.
قال محمد بن الحسن: ولما أخرب الخائن البصرة، وانتهى إليه عظيم ما فعل أصحابه فيها، سمعته يقول: دعوتُ على أهل البصرة في غداة اليوم الذي دخلها أصحابي، واجتهدت في الدعاء، وسجدت، وجعلت أدعو في سجودي، فرُفعتْ إليّ البصرة، فرأيتها ورأيت أصحابي يقاتلون فيها، ورأيت بين السماء والأرض رجلًا واقفًا في الهواء في صورة جَعْفر المعلوف المتوَلّي كان للاستخراج في ديوان الخراج بسامُرّا، وهو قائم قد خفض يده اليسرى، ورفع يده اليمنى، يريد قلب البصرة بأهلها، فعلمتُ أن الملائكة تولّت إخرابها دون أصحابي ولو كان أصحابي تولَّوْا ذلك لما بلغوا هذا الأمر العظيم الذي يحكى عنها، وإن الملائكة لتنصرني وتؤيدني في حربي، وتثبِّت مَن ضعُف قلبه من أصحابي.
قال محمد بن الحسن: وانتسب الخبيث إلى يحيى بن زيد بن عليّ بعد إخرابه بالبصرة، وذلك لمصير جماعة من العلويّة الذين كانوا بالبصرة إليه، وأنه كان فيمن أتاه منهم عليّ بن أحمد بن عيسى بن زيد، وعبد الله بن عليّ في جماعة من نسائهم وحُرَمهم، فلمَّا جاؤوه ترك الانتساب إلى أحمد بن عيسى، وانتسب إلى يحيى بن زيد.
قال محمد بن الحسن: سمعتُ الخبيث وقد حضره جماعة من النوْفليّين، فقال القاسم بن الحسن النوفليّ: إنه قد كان انتهى إلينا أنك من ولد أحمد بن عيسى بن زيد، فقال: لست من ولد عيسى، أنا من ولد يحيى بن زيد. وهو في ذلك كاذب، لأن الإجماع في يحيى أنه لم يعقِب إلا بنتًا ماتت وهي ترضع.