أسباب يعقوب بن الليث من السجْن؛ لأنه لما كان من أمره ما كان في أمر محمد بن طاهر، حبَس السلطانُ غلامَه وصيفًا ومَنْ كان قِبَلَه من أسبابه، فأطلق عنهم بعدما وافى يعقوب رامهرمز؛ وذلك لخمس خَلَوْن من شهر ربيع الأول، ثم قدم إسماعيل بن إسحاق من عند يعقوب، وخرج إلى سامُرّا برسالة من عنده، فجلس أبو أحمد ببغداد، ودعا بجماعة من التجار، وأعلمهم: أنّ أمير المؤمنين أمر بتولية يعقوب بن الليث خُراسان وطَبَرِستان وجُرجان والرّيّ وفارس والشُّرطة بمدينة السلام؛ وذلك بمحضر من درْهم بن نصر صاحب يعقوب.
وكان المعتمد قد صرف درهمًا هذا من سامُرّا إلى يعقوب بجواب ما كان يعقوب أرسله، يسأله لنفسه، فأرسل معه إليه عمر بن سيما ومحمد بن تركشه، ووافى فيها رسل ابن زيدويه بغداد في شهر ربيع الأول منها برسالة من عنده، فخلع عليه أبو أحمد، ثمّ انصرف في هذه السنة الذين توجّهوا إلى يعقوب بن الليث إلى السلطان، فأعلموه أنه يقول: إنه لا يرضيه ما كتب إليه دون أن يصير إلى باب السلطان، وارتحل يعقوب من عسكر مَكْرَم فصار أبو الساج إليه، فقبَّله وأكرمه ووصله.
ولما رجعت الرسل بما كان من جواب يعقوب عسكر المعتمد يوم السبت لثلاث خلوْن من جمادى الآخرة بالقائم بسامُرّا، واستخلَف على سامُرّا ابنه جعفرًا، وضمّ إليه محمدًا المولَّد، ثم سار منها يوم الثلاثاء لستّ خلون من جمادى الآخرة، ووافى بغداد يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة، فاشتقّها حتى جازها، وصار إلى الزعفرانيَّة فنزلها، وقدّم أخاه أبا أحمد من الزعفرانتة، فسار يعقوب بجيشه من عسكر مكرَم؛ حتى صار من واسط على فرسخ، فصادف هنالك بَثْقًا قد بثقه مسرور البلخيّ من دِجلة لئلا يقدر على جوازه، فأقام عليه حتى سدّه، وعبره؛ وذلك لست بقين من جمادى الآخرة، وصار إلى باذبين، ثم وافَى محمد بن كثير من قِبَل يعقوب عسكرَ مسرور البلخيّ، فصار بإزائه، فصار مسرور بعسكره إلى النعمانيّة، ووافى يعقوب واسطًا، فدخلها لستّ بقين من جمادى الآخرة، وارتحل المعتمد من الزغفرانية يوم الخميس لليلة بقيت من جمادى الآخرة حتى صار إلى سيب بني كُوما، فوافاه هنالك مسرور البلخيّ؛ وكان مسيرُ مسرور البلخيّ إليه في الجانب