للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغربيّ من دِجْلة، فعبرَ إلى الجانب الذي فيه العسكر، فأقام المعتمد بسِيب بني كوما أيامًا، حتى اجتمعت إليه عساكره، وزحف يعقوب من واسط إلى دير العاقول، ثم زحف من دير العاقول نحو عسكر السلطان، فأقام المعتمد بالسِّيب، ومعه عبيد الله بن يحيى، وأنهض أخاه أبا أحمد لحرب يعقوب، فجعل أبو أحمد موسى بن بغا على ميمنتِه، ومسرورًا البلخيّ على ميسرته، وصار هو في خاصته، ونخبة رجاله في القلب، والتقى العسكران يوم الأحد لليال خَلَوْن من رجب بموضع يقال له: اضطربد بين سيِب بني كوما وفى ير العاقول، فشدّت ميسرة يعقوب على ميمنة أبي أحمد فهزمتها، وقتلت منها جماعة كثيرة منهم من قوّادهم إبراهيم بن سيما التركيّ وطباغوا التركيّ ومحمد طُغَتا التركيّ والمعروف بالمبرقع المغربيّ وغيرهم، ثم ثاب المنهزمون وسائر عسكر أبي أحمد ثابت، فحمَلوا على يعقوب وأصحابه، فثبتوا وحاربوا حربًا شديدًا، وقتِل من أصحاب يعقوب جماعة من أهل البأس؛ منهم الحسن الدرهميّ ومحمد بن كثير وكان على مقدمة يعقوب - والمعروف بلبادة - فأصابت يعقوب ثلاثة أسهم في حَلْقِه ويديه، ولم تزل الحرب بين الفريقين - فيما قيل - إلى آخر وقت صلاة العصر.

ثمّ وافى أبا أحمد الدَّيرانيّ ومحمد بن أوس، واجتمع جميعُ من في عسكر أبي أحمد، وقد ظهر من كثير ممن مع يعقوب كراهة القتال معه إذ رأوا السلطان قد حضر لقتاله، فحملوا على يعقوب ومَنْ قد ثبت معه للقتال، فانهزم أصحابُ يعقوب، وثبت يعقوب في خاصّة أصحابه؛ حتى مضوا وفارقوا موضع الحرب.

فذُكر: أنه أخذ من عسكره من الدّوابّ والبغال أكثر من عشرة آلاف رأس، ومن الدنانير والدّراهم ما يكلّ عن حمله، ومن جرب المسك أمر عظيم، وتخلّص محمد بن طاهر بن عبد الله، وكان مثقلًا بالحديد؛ خلّصه الذي كان موكَّلًا به.

ثم أحضر محمد بن طاهر، فخُلع عليه على مرتبته، وقرئ على الناس كتابٌ فيه:

ولم يزل الملعون المارق المسمّى يعقوب بن الليث الصفار ينتحل الطاعة، حتى أحدث الأحداث المنكرة؛ من مصيره إلى صاحب خراسان، وغلبته إياه عليها، وتقلّده الصلاة والإحداث بها، ومصيره إلى فارس مَرة بعد مرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>