وصل إليها نزل السوس، وكان الصَّفار قد قلّد محمد بن عبيد الله بن أزاذَ مَرْد الكرديّ كُور الأهواز، فكتب محمد بن عبيد الله إلى قائد الزَّنج يطمعه في الميل إليه، وقد كانت العادة جرت بمكاتبة محمد إياه من أوّل مخرجه، وأوهمه أنه يتولّى له كور الأهواز ويداري الصّفار حتى يستويَ له الأمر فيها، فأجابه الخبيث إلى ذلك على أن يكون عليّ بن أبان المتولي لها، ويكون محمد بن عبيد الله يخلفُه عليها، فقبل محمّد بن عبيد الله ذلك، فوجّه عليّ بن أبان أخاه الخليل بن أبان، في جمع كثير من السودان وغيرهم، وأيّدهم محمد بن عبيد الله بأبي داود الصُّعلوك، فمضوْا نحو السوس؛ فلم يصلوا إليها، ودفعهم ابن ليثويه ومن كان معه من أصحاب السلطان عنها، فانصرفوا مفلولين، وقد قتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر منهم جماعة، وسار أحمد بن ليثويه حتى نزل جنديْ سابور.
وسار عليّ بن أبان من الأهواز منجِدًا محمد بن عبيد الله على أحمد بن ليثوَيْه، فتلقاه محمد بن عبيد الله في جَمْع من الأكراد والصعاليك؛ فلما قرب منه محمد بن عبيد الله سارا جميعًا، وجعلا بينهما المسرُقان؛ فكانا يسيران عن جانبيه؛ ووجّه محمد بن عبيد الله رجلًا من أصحابه في ثلثمئة فارس، فانضمّ إلى عليّ بن أبان، فسار عليّ بن أبان ومحمد بن عبيد الله إلى أن وافَيَا عسكر مُكْرَم، فصار محمد بن عبيد الله إلى عليّ بن أبان وحده، فالتقيا وتحادثا، وانصرف محمد إلى عسكره، ووجّه إلى عليّ بن أبان القاسم بن عليّ ورجلًا من رؤساء الأكراد، يقال له حازم، وشيخًا من أصحاب الصفار يعرف بالطّالقانيّ، وأتوْا عليًّا، فسلّموا عليه، ولم يزل محمد وعلى على ألفة، إلى أن وافى عليٌّ قنطرة فارس، ودخل محمد بن عبيد الله تُسْتَر، وانتهى إلى أحمد بن ليثَويْه تضافُر عليّ بن أبان ومحمد بن عبيد الله على قتالِه، فخرج عن جنديْ سابور، وصار إلى السوس، وكانت موافاة علي قنطرة فارس في يوم الجُمعة، وقد وعده محمد بن عبيد الله أن يخطُب الخاطب يومئذ، فيدعو لقائد الزّنج، وله على منبر تُسْتَر، فأقام عليّ منتظرًا ذلك، ووجّه بهبوذ بن عبد الوهاب لحضور الجمعة وإتيانه بالخبر؛ فلما حضرت الصلاة قام الخطيب، فدعا للمعتمد والصّفار ومحمد بن عبيد الله، فرجع بهبوذ إلى عليّ بالخبر، فنهض عليّ من ساعته، فركب دوابّه، وأمر أصحابه بالانصراف إلى الأهواز، وقدّمهم أمامه، وقدّم