معهم ابن أخيه محمد بن صالح ومحمد بن يحيى الكرمانيّ وكاتبه وأقام حتى إذا جاوزوا كسر قنطرة كانت هناك لئلا يتبعه الخيل.
قال محمد بن الحسن: وكنت فيمن انصرف مع المتقدّمين من أصحاب عليّ ومرّ الجيش في ليلتهم تلك مسرِعين، فانتهوْا إلى عسكر مكرَم في وقت طلوع الفجر؛ وكانت داخلة في سلْم الخبيث، فنكث أصحابه، وأوقعوا بعسكر مَكْرَم، ونالوا نهبًا، ووافى عليّ بن أبان في أثر أصحابه، فوقف على ما أحدثوا فلم يقدِر على تغييره، فمضى حتى صار إلى الأهواز ولما انتهى إلى أحمد بن ليثويْه انصرافُ عليّ، كرّ راجعًا حتى وافى تُسْتَر، فأوقع بمحمد بن عبيد الله ومَنْ معه، فأفلت محمد، ووقع في يده المعروف بأبي داود الصعلوك، فحمله إلى باب السلطان المعتمد، وأقام أحمد بن ليثويْه بتُسْتَر.
قال محمد بن الحسن: فحدّثني الفضل بن عديّ الدارميّ - وهو أحد مَنْ كان من أصحاب قائد الزّنج انضمّ إلى محمد بن أبان أخي عليّ بن أبان قال: لمّا استقرّ أحمد بن ليثويْه بتُسْتَر، خرج إليه عليّ بن أبان بجيشه، فنزل قرية يقال لها: برنجان، ووجّه طلائع يأتونه بأخباره، فرجعوا إليه، فأخبر وه أنّ ابن ليثويْه، قد أقبل نحوه، وأنّ أوائل خيله قد وافت قرية تعرف بالباهليّين، فزحف عليّ بن أبان إليه، وهو يبشّر أصحابه، ويعدُهم الظفر، ويحكي لهم ذلك عن الخبيث، فلمّا وافى الباهليين تلقاه ابن ليثويه في خيله، وهي زهاء أربعمئة فارس؛ فلم يلبثوا أن أتاهم مدد خيل، فكثرت خيلُ أصحاب السلطان واستأمن جماعة من الأعراب الذي كانوا مع عليّ بن أبان إلى ابن ليثويْه، وانهزم باقي خيل عليّ بن أبان، وثبت جُميّعة من الرّجّالة، وتفرّق عنه أكثرهم، واشتدّ القتال بين الفريقين، ترجّل عليّ بن أبان، وباشر القتال بنفسه راجلًا، وبين يديه غلام من أصحابه يقال له فتْح، يعرف بغلام أبي الحديد، فجعل يقاتل معه، وبصر بعليّ أبو نصر، سَلْهب وبدر الروميّ المعروف بالشعرانيّ فعرفاه، فأنذر الناس به، فانصرف هاربًا حتى لجأ إلى المسرُقان، فألقى بنفسه فيه، وتلاه فَتْح، فألفى نفسه معه، فغرق فتح، ولحق عليّ بن أبان نصر المعروف، بالروميّ، فتخلّصه من الماء، فألقاه في سُمَيريّة ورُميَ عليّ بسهم، وأصيب به في ساقه، وانصرف مفلولًا، وقتل من أنجاد السودان وأبطالهم جماعة كثيرة.