للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عسكره، ومضوْا إلى نهر السِّدرة، ونشبت الحرب بين عليّ بن أبان وقوّاد السلطان هناك؛ وكان ذلك يومهم، ثم تحاجزوا.

وانصرف عليّ بن أبان إلى الأهواز، فلم يجد بها أحدًا، ووجد أصحابه أجمعين قد لحقوا بنهر السِّدرة، فوجّه إليهم مَنْ يردّهم، فعسر ذلك عليه فتبعهم، فأقام بنهر السِّدرة ورجع قوّاد السلطان حتى نزلوا عسكر مكرم؛ وأخذ عليّ بن أبان في الاستعداد لقتالهم، وأرسل إلى بهبوذ بن عبد الوهاب، فأتاه فيمن معه من أصحابه، وبلغ أغرتمش وأصحابه ما أجمع عليه من المسير إليهم عليّ، فساروا نحوه، وقد جعل عليّ بن أبان أخاه على مقدّمته، وضمّ إليه بَهْبُوذ وأحمد بن الزَّرنجيّ، فالتقى الفريقان بالدُّولاب، فأمر عليّ الخليلَ بن أبان أن يجعلَ بَهْبُوذ كمينًا، فجعله وسار الخليل حتى لقيَ القوم، ونشب القتال بينهم، فكان أوّل نهار ذلك اليوم لأصحاب السلطان، ثم جالوا جَوْلة وخرج عليهم الكمين، وأكبّ الزّنج إكبابةً، فهزموهم، وأسِر مطر بن جامع، صُرعَ عن فرس كان تحته، فأخذه بهبوذ فأتى به عليًّا، وقتل سيما المعروف بصغراج في جماعة من القوّاد (١).

ولمّا وافى بهبوذ عليًّا، بمطر؛ سأله مطر استبقاءَه، فأبى ذلك عليّ، وقال: لو كنت أبقيت على جعفرويْه، لأبقينا عليك، وأمر به فأدْنِيَ إليه، فضرب عنقَه بيده.

ودخل عليّ بن أبان الأهواز، وانصرف أغرتمش وأبَّا فيمن أفلت معهما، حتى وافيا تُسْتَر، ووجّه عليّ بن أبان بالرؤوس إلى الخبيث، فأمر بنصبها على سُور مدينته.

قال: وكان عليّ بن أبان بعد ذلك يأتي أغرتمش، وأصحابه، فتكون الحرب بينهم سِجالًا عليه وله، وصرَف الخبيث أكثر جنوده إلى ناحية عليّ بن أبان، فكثروا على أغرتمش، فركن إلى الموادعة، وأحبّ عليّ بن أبان مثل ذلك، فتهادنَا، وجعل عليّ بن أبان يُغير على النواحي، فمن غاراته مصيره إلى القرية المعروفة ببيرُوذ، فظهر عليها، ونال منها غنائم كثيرة، فكتب بما كان منه من ذلك إلى الخبيث، ووجّه بالغنائم التي أصابها وأقام.

* * *


(١) انظر البداية والنهاية (٨/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>