للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: فنزعنا يومئذ من كيز أبي العباس خمسًا وعشرين نُشابة، ونزعتُ من لُبّادَةٍ كانت عليّ أربعين نشابة، ومن لبابيد سائر الملاحين الخمس والعشرين والثلاثين، وأظفر الله أبا العباس بستّ سُميريّات من سُميريّات الزّنج، وتخلص الشذا من أيديهم، وانهزموا، ومال أبو العباس، وأصحابه نحو الشّط، وخرج من الزّنج المقاتلة بالسيوف والتراس، فانهزموا لا يلوون على شيء للرهبة التي وصلت إلى قلوبهم ورجع أبو العباس سالمًا غانمًا، فخلع على الملّاحين ووصلهم، ثم صار إلى معسكره بالعُمر، فأقام به إلى أن وافى الموفّق.

* * *

ولإحدى عشرة ليلةً خلت من صفر منها، عسكر أبو أحمد بن المتوكل بالفِرْك، وخرج من مدينة السلام يريد الشخوص إلى صاحب الزّنْج لحربه؛ وذلك أنه - فيما ذكر - كان اتّصل به أنّ صاحب الزنج كتب إلى صاحبه عليّ بن أبان المهلبيّ يأمره بالمصير بجميع من معه إلى ناحية سليمان بن جامع، ليجتمعا على حرب أبي العباس بن أبي أحمد، وأقام أبو أحمد بالفِرْك أيامًا؛ حتى تلاحق به أصحابه ومَنْ أراد النهوض به إليه، وقد أعدّ قبل ذلك الشذا والسُّميريّات والمعابر والسفن، ثم رحَل من الفِرْك - فيما ذكر - يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول في مواليه وغلمانه وفرسانه ورجّالته فصار إلى رومية المدائن، ثم صار منها، فنزل السِّيب ثم دَيْر العاقول ثم جَرْجَرَايا، ثم قُنَّى ثم نزل جَبُّل، ثم نزل الصِّلح، ثم نزل على فرسخ من واسط، فأقام هنالك يومه وليلته، فتلقاه ابنه أبو العبّاس به في جريدة خيل فيها وجوه قوّاده وجنده، فسأله أبو أحمد عن خبر أصحابه، فوصف له بلاءهم ونصحهم، فأمر أبو أحمد له ولهم بِخِلع فخُلِعت عليهم، وانصرف أبو العباس إلى معسكره بالعُمْر، فأقام يومه، فلمّا كانت صبيحة الغد رحل أبو أحمد منحدرًا في الماء، وتلقّاه ابنه أبو العباس بجميع مَنْ معه من الجند في هيئة الحرب والزّيّ الذي كانوا يلقوْن به أصحاب الخائن، فجعل يسير أمامه حتى وافى عسكره بالنهر المعروف بشيرزاد؛ فنزل به أبو أحمد، ثم رحل منه يوم الخميس لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول، فنزل على النهر المعروف بِسِنْداد بإزاء القرية المعروفة بعبد الله، وأمر ابنه أبا العباس، فنزل شرقيّ دِجْلة بإزاء فُوّهة بردودا، وولّاه مقدّمته، ووضع العطاء فأعطى

<<  <  ج: ص:  >  >>