الجيش، ثم أمر ابنه بالمسير أمامه بما معه من آلة الحرب إلى فُوّهة بَرْمساور، فرحل أبو العباس في المختارين من قواده ورجاله، منهم زِيرَك التركيّ صاحب مقدّمته، ونُصَير المعروف بأبي حمزة صاحب الشّذَا والسُّميريّات.
ورحل أبو أحمد بعد ذلك في الفرسان والرجّالة المنتخبين، وخلّف سواد عسكره وكثيرًا من الفرسان والرّجالة بمعسكره؛ فتلقّاه ابنه أبو العباس بأسرى ورؤوس وقتلى قتلهم من أصحاب الشعرانيّ؛ وذلك أنه وافى عسكره الشعرانيُّ في ذلك اليوم قبل مجيء أبيه أبي أحمد؛ فأوقع به وأصحابه؛ فقتل منهم مقتلةً عظيمة، وأسر منهم جماعة؛ فأمر أبو أحمد بضرب أعناق الأسرى فضُربت، ونزل أبو أحمد فوّهة بَرْمساور، وأقام به يومين، ثم رحل يريد المدينة التي سمّاها صاحب الزّنج المنيعةَ من سوق الخميس في يوم الثلاثاء لثماني ليال خلوْن من شهر ربيع الآخر من هذه السنة بمن معه من الجيش وما معه من آلة الحرب، وسلك في السفن في برمساور، وجعلت الخيل تسير بإزائه شرقيّ برمساور، حتى حاذى النهر المعروف ببراطق الذي يوصل إلى مدينة الشعرانيّ.
وإنما بدأ أبو أحمد بحرب سليمان بن موسى الشعرانيّ قبل حرب سليمان بن جامع من أجل أن الشعرانيَّ كان وراءه، فخاف إن بدأ بابن جامع أن يأتيه الشعرانيُّ من ورائه، ويشغله عمّن هو أمامه؛ فقصده من أجل ذلك؛ وأمر بتعبير الخيل وتصييرها على جانبي النهر المعروف ببراطق، وأمر ابنه أبا العباس بالتقدّم في الشذَا والسُّميريّات، وأتبعه أبو أحمد في الشَّذَا بعامّة الجيش. فلمّا بصر سليمان ومَنْ معه من الزّنج وغيرهم بقصد الخيل والرجّالة سائرين على جنبتي النهر ومسير الشذا والسميريّات في النهر، وقد لقيهم أبو العباس قبل ذلك فحاربوه حربًا ضعيفة، انهزموا وتفرَّقوا.
وعلا أصحاب أبي العباس السور، ووضعوا السيوف فيمن لقيهم وتفرَّق الزَّنج وأتباعهم، ودخل أصحاب أبي العباس المدينة، فقتلوا فيها خلقًا كثيرًا، وأسروا بشرًا كثيرًا، وحوَوْا ما كان في المدينة، وهرب الشعرانيّ ومَنْ أفلت منهم معه، وأتبعهم أصحاب أبي أحمد حتى وافَوا بهم البطائح، فغرق منهم خلق كثير، ونجا الباقون إلى الآجام، وأمر أبو أحمد أصحابَه بالرجوع إلى معسكرهم قبل غروب الشمس من يوم الثلاثاء، وانصرف وقد استنقذ من